أجرى مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الانسان حوارا مع الاستاذة إيمان قزارة عضوة هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي تم خلاله التطرق الى أهم مستجدات قضية الدفاع عن الشهيدين بما يحمله الملف من تعقيدات. نعيد نشر هذا الحوار تعميما للفائدة…
أجرى الحوار خليل العربي
تحدثت الاستاذة ايمان عن علاقات مؤكدة رصدتها هيئة الدفاع بين جهاز سري لحركة النهضة والمتهمين الرئيسيين في قضايا الاغتيالات عبر الاطاحة بالمتهم مصطفى خضر, أشارت كذاك الى الخطر الذي يمكن أن يتهدد الانتقال الديمقراطي بالبلاد فضلا عن المساس بحقوق الانسان ابتداء بحق الحياة مرورا بحقوق التقاضي والدفاع والنفاذ الى المعلومة.
وفي ذات الاطار يأتي هذا الحوار كجزء من عمل مركز دعم من خلال ندوته السنوية الثامنة المتعلقة بجدلية مكافحة الارهاب وحقوق الانسان والتي نشرنا خلالها تباعا “قراءة في قانون مكافحة الارهاب الليبي” للدكتورة جازية شعيتر اضافة الى محاولة لفهم سردية التطرف لدى شباب الاحياء الشعبية بتونس للباحث جهاد الحاج سالم حملت عنوان “مسارات التطرف الجهادي وتجارب الاقصاء اليومي عند شباب الاحياء الشعبية”.
باعتبارك عضوة في هيئة الدفاع عن الشهيدين محمد البراهمي وشكري بالعيد، هل لك ان تمدينا باخر تطورات الملف؟
شكرا لمركز دعم على المتابعة والاهتمام بملف الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي حيث يواصل دعم القضايا الكبرى بالبلاد والتي تمّس بالحقوق وبمبادئ حقوق الانسان خاصّة وأننا نعتبر و أنّ ملف الشهيدين له تأثير على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس.
بالنسبة للتطوّرات بالملف، فاليوم، بعد 7 سنوات من عمليتي الاغتيال السياسي ، تغيّرت المنظومة الاتهامية لينضاف إلى قائمة المتهمين في ملف الشهيدين مصطفى خذر القيادي بحركة النهضة وتحديدا القيادي بجهازها السرّي الى جانب تنظيم أنصار الشريعة المصنّف كتنظيم إرهابي .
سبق لهيئة الدفاع عن الشهيدين و أن أعلنت عن وجود جهاز سري لحركة النهضة له علاقة بملفي اغتيال الشهيدين منذ تاريخ 02 اكتوبر 2018. و اليوم أصبح الاتهام الموّجه لمصطفى خذر حقيقة قضائية في الملفين . ذلك أنّ القضاء التونسي قد وجه له تهمة بامتلاك معلومات تخص جرائم إرهابية ولم يدل بها الي السلط المعنية.
بعد مرور 7 سنوات، بدأت تنكشف خيوط اللعبة في هذه الجريمة الشنعاء ومسار ارتكابها من تخطيط وتدبير وأعمال سابقة وصولا الى التنفيذ وعملية المشاركة اللاحقة من إخفاء للوثائق و حماية للمجرمين.
يضا، بعد 7 سنوات، يتم فتح تحقيق في سرقة وثائق تهم شخصا اعترف بنفسه بإخفاء أدوات الجريمتين (أي المسدسين اللذين تم استعمالهما لتنفيذ عمليتي الاغتيال) وهو معطى جديد ينضاف الى مسار كشف الحقيقة في ملف الشهيدين.
كذلك، بعد 7 سنوات وبعد الكثير من العناء، تمكنّت هيئة الدفاع من الاطلاع على كشف المكالمات و الاتصالات الهاتفية لأبو بكر الحكيم، القيادي بتنظيم أنصار الشريعة والمتهم في اغتيال الشهيد محمد البراهمي.بعد إضافتها الى ملف القضية بعد مرور 7 سنوات من الاغتيال و التي ّمن شان هذه المكالمات أن تكشف العلاقات و الملابسات التي حفّت بهذه الجريمة الكبرى.
هذا من شانه أن يطرح تساؤلا اخر بخصوص ملف الجهاز السري لحركة النهضة خصوصا و أن الملف أثبت وجود علاقات ببن مرتكبي الجريمتين ومنتمين لحركة النهضة.
أكيد، العلاقة ثابتة بين الجهاز السرّي لحركة النهضة وملف الاغتيالات السياسية لأن مصطفى خضر، بوصفه المشرف أو أحد المشرفين على هذا الجهاز قد أصبح متهما في قضية الشهيد محمد البراهمي والشهيد شكري بلعيد كما قلت. وبالتالي فالمسؤولية قد تجاوزت المسؤولية السياسية لحركة النهضة لتصبح لأعضائها مسؤولية جزائية.
إنّ علاقة الجهاز السرّي لحركة النهضة بملف اغتيال الشهيدين ثابتة من خلال عديد المعطيات الواردة بالوثائق التي وجدت بحوزة المتهم مصطفى خضر إذ تعلّقت بعض الوثائق بالمتهم الرئيسي في قضية الشهيد شكري بالعيد محمد العوادي و هو رئيس الجناح العسكري لتنظيم أنصار الشريعة مفادها بأنّه “سيغادر البلاد و يكون مرفوقا بحماية أمنية”. أيضا وجدنا بملف المتهم مصطفى خضر أنّ الجهاز السرّي لحركة النهضة كان يتابع ويراقب تحركات واتصالات الشهيد شكري بلعيد إذ دوّن صلب أحد تقاريره بأنّه على اتصال بوزير الدفاع السابق السيد عبد الكريم الزبيدي. هذا موّثق بتقارير تمّ اجراء اختبارات فنية في خصوصها من قبل مصالح وزارة الداخلية كما وجدنا أيضا من بين الوثائق” فنون القتال عبر الدراجات النارية”. وبالتمعن في هذه الوثيقة التي تحتوي على 3 صفحات يتبيّن انطباقها على عملية اغتيال الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي.
كل هذه المعلومات توّضح وتكشف العلاقة القائمة بين اغتيال الشهيدين والجهاز السرّي لحركة النهضة.
اليوم و بعد مرور 7 سنوات، أدرك القضاء التونسي أنّ مصطفى خضر كان يملك معلومات سواء كانت سابقة أو لاحقة لعمليتي الاغتيالات ولذلك وقع توجيه الاتهام إليه.
تزامنا مع هذا المسار فلقد تم في 31 ديسمبر 2019 فتح بحث تحقيقي في عـ16دد متهما منهم قيادات بارزة في حركة النهضة على غرار رضا الباروني وقيادات أمنية تابعة للحركة مثل فتحي البلدي و الطاهر بوبحري من أجل الاعتداء على أمن الدولة الداخلي والخارجي وهي جرائم كبرى على درجة كبيرة من الخطورة تصل عقوبتها للمؤبد.
إنّ وجود أجهزة سرّية لأحزاب سياسية في تونس بعد الثورة من شأنه ان يمّس من الاستقرار والانتقال الديمقراطي بالبلاد فضلا عن المساس بحقوق الانسان.
أكدّت أستاذة أيمان في عدّة مرات على عنصر الوقت لأنّه بعد 7 سنوات تّم هذا التحول والتطور الجديد بالملف هل يعود ذلك الى عراقيل من أي طرف في الكشف عن حقائق تقنع القضاء التونسي؟
هي عراقيل كبرى واجهتها هيئة الدفاع في مسار الدفاع عن حقوق الشهداء لتعلّق هذه القضايا بأسمى الحقوق الانسانية ألا و هو حق الحياة فضلا عن التقاءه و تقاطعه مع جملة من الحقوق الأخرى كحقوق التقاضي والدفاع والنفاذ إلى المعلومة وغيرها.
كل هذه المعركة خاضتها هيِئة الدفاع منذ 7 سنوات عبر إجراءات واليات القضاء التونسي. مراهنة على استقلالية القضاء وخوض هذه المعركة في تونس و من أهمّ العراقيل التي واجهناها هي تشتت الملفات ومنه تشتت الحقيقة. إذ توجد معلومات تهم ملفي الاغتيال في قضايا متعلقة بعمليات إرهابية أخرى و هوما دفع هيئة الدفاع إلى الأخذ على عاتقها مهمة تجميع هذه الملفات حتى يتسنى لنا كشف الحقيقة الكاملة من وراء اغتيال الزعيمين السياسيين.
كما واجهت هيئة الدفاع واقع سرقة المحاضر والوثائق من أروقة المحاكم وهو ما لا يستقيم واقعا و قانونا خاصّة ونحن بصدد الحديث عن استقلال القضاء. و نذكرعلى سبيل المثال سرقة محاضر المتهم “عامر البلعزي” و التي تتعلق بإخفاء المسدسات التي قُتلا بهما الشهيدين، سرقة حاسوب المتهم “أحمد الرويسي” من بين المحجوز المودع بخزينة المحكمة الابتدائية هذا إلى جانب غياب كشف المكالمات و الاتصالات الهاتفية للإرهابي المتهم “أبو عياض” المتزعم لأنصار الشريعة و هو ما يثير عدّة تساؤلات . فكيف يمكن توجيه هذه الاتهامات لأنصار الشريعة كتنظيم موّرط في اغتيال الشهيدين وتصنيفه كتنظيم إرهابي دون أن يكون لدينا سجل مكالمات “أمير” هذا التنظيم؟ وما هو العائق الحائل دون الوصول إلى كشف المكالمات الصادرة والواردة على رقم هاتفه مثله مثل المتهم أبو بكر الحكيم؟
علاوة على ذلك ،فإنّ هيئة الدفاع تجابه طول الإجراءات القضائية وعدم تفعيل الاليات القانونية في توجيه الاتهام و النظر في الشكايات المرفوعة من قبلها من ناحية والتمكين الاخواني داخل القضاء التونسي من ناحية أخرى.
. بيد أنّ، إصرار هيئة الدفاع على مزيد البحث وعلى كشف الحقيقة كاملة قد برهن على صحّة استراتيجيتها في هذا المسار إذ بعد 7 سنوات ينضاف متهمون جدد، تظهر حقائق جديدة، تكشف عن وجود جهاز سرّي لحركة النهضة وتظرف وثائق مهمة في الملفين القضائيين منها كشف مكالمات الارهابي أبو بكر الحكيم( بملف الشهيد محمد البراهمي).
ماهي استراتيجية الهيئة مستقبلا في الدفاع عن حق الشهيدين واستكمال الملف؟
منذ البداية انبنت استراتيجية الدفاع على البحث عن خيوط هذه الجريمة بكاملها في جميع مراحلها خلافا للأطراف التي اختصرت أو اختزلت عملية الاغتيال في التنفيذ أي من نفّذ، من أطلق النار ومن قام بالقتل . اعتمدت هيئة الدفاع في دفاعها على مسائل أوليّة مفادها أنّ كل جريمة تسبقها أعمال،تتزامن معها أفعال وتلحقها أخرى. فالأعمال السابقة تعنى بالتدبير والتخطيط لأن اغتيال زعيمين سياسيين ليس بالأمر الهيّن إذ يستلزم المتابعة والرصد وإيجاد الإمكانيات لذلك. كما تفترض أيضا التستر إخفاء أدوات الجريمة و الحماية بشكل لاحق .
إذ لا يخفى على أحد في تونس و أنّ أغلب قيادات تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي قد ماتت أو سجنت أو هي في حالة فرار. فمن الذي يقوم بسرقة الوثائق من المحاكم ومن يسعى الى أن يحول دون وصول بعض الوثائق الأخرى الى القضاء التونسي و من له مصلحته في ذلك و من هي الأطراف التي تتستر وتحمي المجرمين وتمنع من الوصول إلى الحقيقة. هذه هي استراتيجية هيئة الدفاع في الكشف عن حقيقة الاغتيال السياسي في تونس، كشف خيوط وملابسات هذه الجريمة كاملة بدءا من التحضير والتدبير مرورا بالتنفيذ و وصولا إلى الحماية والإخفاء بشكل لاحق.
في مسارها المذكور اكتشفت هيئة الدفاع عن الشهيدين وجود علاقات جوفية بين حركة النهضة وتنظيم أنصار الشريعة والجهاز السرّي لحركة النهضة.
والمسار مازال متواصلا.
شارك رأيك