ينعقد في تونس، اليوم الإثنين 9 نوفمبر 2020 حوار سياسي بين الليبين المتقاتلين منذ انهيار نظام معمر القذافي، وتعمق القتال بتدخل دولي استعماري تمويلا بالسلاّح و الميليشّات و التغطية السياسية، سعيا منها أن تجد موطئ قدم في بلد ينعم بثروات بتروليّة هائلة. طيلة الأزمة الممتدة لحوالي 9 سنوات التزمت تونس الحياد السلبي، لكن مع قيس سعيد كان للحياد شأن آخر…
بقلم سفيان بوزيد *
نذكر كلنّا مؤتمر برلين بألمانيا و الذي انتهى بفشل ذريع، كان بامكان تونس أن تذهب صوريّا و المشاركة في المؤتمر، حتىّ من سبيل التبعيّة و التملقّ للمانحين الدوليّين في سبيل إعطائنا قرضا، لكن قيس سعيد رفض المشاركة في مؤتمر يبحث عن الشرعية الدوليّة و أعلنتها تونس، علانيّة و بوضوح و دون مواربة، انذاك شنّ حزب نبيل القروي (قلب تونس) حملة اعلاميّة واسعة حول أن “الرئيس سيحمل تونس نحو عزلة دولية غير مسبوقة”.
يطلّ علينا أردوغان الرئيس التركي الباكي على أطلال الامبراطورية العثمانيّة، آتى مشهرا سيفه على تونس بوقاحة طالبا ميناء جرجيس، و المطار حتىّ تكون منطلقا لعمليّاته العسكريّة في الداخل الليبي محاولا إغراء تونس بهبات و قروض و لم لا قسم من الكعكة، و رغم وقاحته، و تطاوله على الوطن و رئيسها قيس سعيّد الذي التزم بالاحترام و الاخلاق العالية و الهدوء رغم صلف و بلادة رئيس تركيا … كان رفض الرئيس قاطعا، بانّ تونس لا تشارك في عمليّات إبادة الليبين و تحطيم بلادهم و يبقى الحلّ سياّسيا، فشنت موارب الإعلام النهضاوي حملة أخرى على الرئيس.
عندما طوقت قوات الجنرال خليفة حفتر طرابلس، لم يمل الرئيس لفائدة «الله ينصر من ربح» كما يقول المثل الشعبي، بل التزم بحيّادته مذكرّا من جديد بالحلّ السياسي في ظل دولة ليبية مدنيّة ديمقراطيّة، و انتخابات و مجلس تأسيسي / تشريعي منتخب … لم يتوانى أعداء الرئيس عن مهاجمته في الداخل و الخارج خاصةّ من أنصار الجنرال حفتر، متوعدين تونس بالويل و الحساب العسير.
بعد اسابيع و في الغرب الليبي، انهارت قوات حفتر و تراجعت، فهنأ راشد الغنوشي الحكومة الاخوانية الليبيّة، في تجاوز لبروتكولات الخارجيّة، و أتى الردّ قاطعا من قيس سعيد بمعني «أن تونس ملتزمة بالحلّ السيّاسي و انه لا ممثل لتونس و لا يعبر عن موقفها الاّ رئيسها المنتخب» و ما «قاله الغنوشي يلزم حزبه و لا يلزم تونس» … فتحركت آلة الدعاية الاخوانية من قطر الى تركيا و تونس سبّا و شتما قائلة ان الرئيس لا يعرف قراءة ميزان القوى.
يذهب الرئيس الى باريس، يناقش بالند للندّ للقوى الاستعماريّة بأنّ تونس لها موقفها الانساني من الأزمة الليبيّة و لا نتبع أي محور إقليمي، مذكراّ بنفس الكلام : “انتخابات، دستور انتقالي، دولة مدنيّة. ومن جديد الات الدعاية لنبيل القروي – النهضاوي داخليّا و خارجيا الجزيرة و فرانس 24 قالت أن ّ الرئيس سيعزل تونس عن محيطها الاقليمي لعدم الكفاءة.
لم يبق المصريون، و الروسّ في موقع المتفرج، هددوا بالتدخلّ العسكري الصارم ليفرضوا بذلك خطّا احمر على الجميع، توقفت القوات التركيّة في سرت، و تعفّن غربا و منع حفتر من رد الهجوم و عزل شرقا. انهار الوضع شرقا و غربا و كان لا بد من مفاوضات المخرج للجميع . في دولة تعترف بالجميع و تتعامل مع الجميع، لا حليف لها و لا عدو. في تونس.
اليوم تذكر تونس بأن لا حليف لها، و ليست تابعة لأي طرف ، و أن الشعب الليبي عليه باستعادة أراضيه، و شرعية نابعة من الليبيين، يبدو أن المؤتمر اليوم ، هو مؤتمر الحل كما كرره مرارا قيس سعيد : انتخابات و دستور انتقالي …
*طالب باحث في علوم الاعلاميّة.
شارك رأيك