إن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين ومتابعة منه لتطورات الوضع الصحي بالمحاكم والمؤسسات القضائية في علاقة بتفشي فيروس كورونا بوتيرة مرتفعة ومتصاعدة أدت إلى إصابة أعداد كبيرة من القضاة والمحامين والكتبة والإداريين بهذا الوباء الخطير وتعكر الحالة الصحية للعديد منهم وبلوغ مرحلة وفاة بعضهم آخرها وفاة زميلتنا الفاضلة سنية العريضي القاضية بالمحكمة الابتدائية بنابل في أوج مسيرتها القضائية بعد إصابتها بهذا الوباء اللعين.
ووقوفا منه على سوء إدارة هذه الأزمة من الجهات الرسمية وتأخرها الكبير في تلبية احتياجات مرفق العدالة في ظل ارتفاع نسبة المخاطر المحيطة بكافة المتعاملين معه بالنظر للاكتظاظ الذي تشهده كافة المحاكم والصعوبات التي يجابهها القضاة في تلقي العلاج اللازم .
وإذ يذكّر :
– بما جاء بندوة جمعية القضاة المنعقدة في مفتتح السنة القضائية بتاريخ 17 سبتمبر 2020 من تأكيد على ما يتطلبه العمل القضائي من حرص ويقظة وتكفل من قبل أجهزة الدولة بجميع الاحتياطات والتدابير الصحية الضرورية لما يتسم به ذلك العمل من عمومية ومطالبة بجعل سلامة الإطار القضائي والإداري بكافة المحاكم والمؤسسات القضائية وكافة المتعاملين معها من أهم الاستحقاقات وتحميل مسؤولية ذلك للمؤسسات المشرفة على المرفق القضائي وهي بالأساس رئاسة الحكومة ووزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء في حدود الصلاحيات المخولة لكل منهم
– بما بلغه لوزير العدل بهذا الخصوص في اللقاء الذي جمعهم يوم 16 أكتوبر 2020 من تأكيد على أن مجابهة الوباء المتفشي يعد من الاستحقاقات المستعجلة للمحاكم والمؤسسات القضائية وعلى ضرورة التعاطي السريع والناجع مع الوضع الصحي الخطير بالمحاكم.
وإذ يعلم أنه :
– وجه مراسلة لوزير العدل بتاريخ 11 نوفمبر 2020 ذكره فيها بما دار بينهم بالاجتماع المذكور وبأنه لم يقع اتخاذ أي خطوة ايجابية في خصوص الأوضاع الصحية المتردية بالمحاكم والأوضاع المادية المتردية للقضاة والتي تتفاقم أمام صمت السلطة التنفيذية وأكد ضمن تلك المراسلة على أن عدم معالجة هذه الأوضاع المستعجلة سينجم عنه خطوات تصعيديه من جمعية القضاة
– وجه ثلاثة مطالب مقابلة لرئيس الحكومة آخرها يوم 11 نوفمبر 2020 ظلت جميعها دون إجابة رغم اتسامها بالاستعجال وتعلقها بالملفات الحارقة المرتبطة بأوضاع القضاء والقضاة ومرفق العدالة فإنه:
أولا: يؤكد أن مقومات السلامة ومستلزمات الوقاية الصحية شبه منعدمة بكافة المحاكم سواء تعلق ذلك بالتعقيم الشامل والدوري أو بتوفير أجهزة قيس الحرارة ومواد التعقيم والأقنعة الواقية لكافة العاملين بها فضلا على عدم إيجاد تنظيم للعمل القضائي في إطار بروتوكول يقع ملائمة مقتضياته حسب تطور الوضع الوبائي ومتابعة تنفيذه والتقيد به بكافة المحاكم .
ثانيا: يستغرب من مواصلة تهميش المحاكم التي رصدت بها حالات مؤكدة للعدوى بفيروس كورونا سواء في صفوف السادة القضاة أو الكتبة أو المحامين والإعلان عنها لأخذ الاحتياطات اللازمة من كافة المتعاملين معها وعدم إجراء التحاليل اللازمة للإطار العامل بها .
ثالثا : يؤكد أن الأوضاع الصحية بالمحاكم تعد على حالتها منذرة بشلل مرفق العدالة وأن مواصلة العمل القضائي رهين إيجاد الحلول المستعجلة والناجعة والمتضافرة للحد من حالات العدوى بالمحاكم والتكفل بحالات الإصابة المسجلة في صفوف الإطار القضائي والإداري.
رابعا: يعبر عن استنكاره الشديد لعدم ايلاء رئاسة الحكومة ووزير العدل أي اهتمام لتدهور أوضاع مرفق العدالة والمطالب الصحية والمادية الملحة والمستعجلة للقضاة واتباعهما سياسة اللامبالاة بتركهم إلى مصيرهم رغم تجندهم في هذه الظرف الدقيق للعمل وتكبدهم خسائر صحية وبشرية هامة.
خامسا: يستغرب من اكتفاء المجلس الأعلى للقضاء بإصدار مذكرات عمل عامة وغير محينة دون أن يقع تقييمها وملائمة مقتضياتها مع تفاقم الأوضاع الصحية بالبلاد عموما وبالمحاكم خصوصا فضلا على عدم متابعة تنفيذها بالمحاكم بما خلق نوع من الاضطراب على حسن سير العمل وأفقدها نجاعتها.
سادسا: يسجل فداحة الخلل الحاصل في غياب أي تنسيق بين هذه الجهات الرسمية في هذه الظروف الحرجة في وضع خطط وبروتوكولات التوقي من الوباء ومتابعتها بصورة مشتركة وناجعة.
سابعا: يعلن على تنفيذ وقفة احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية بنابل يوم الاثنين 16 نوفمبر 2020 بداية من الساعة الحادية عشر صباحا لتأبين الزميلة سنية العريضي فقيدة الواجب القضائي وللاحتجاج على الأوضاع الصحية والمادية المتردية بكافة المحاكم والمؤسسات القضائية ويؤكد اتخاذ خطوات تصعيديه في صورة عدم تسوية المطالب المستعجلة المتعلقة بالاستحقاقات الصحية والمادية للقضاة وعلى رأسها المداواة بالمستشفى العسكري .
ثامنا: يهيب بجميع القضاة التونسيين المجندين لخدمة المتقاضين والشعب التونسي في هذه الظروف التي تمر بها البلاد التونسية للالتزام بكافة التدابير الوقائية لحماية أنفسهم من العدوى والتوقي من انتشار هذا الوباء القاتل ويدعوهم إلى الحضور بكثافة للوقفة الاحتجاجية التي سيقع فيها تأبين فقيدة القضاء رحمها الله ولرص الصفوف من أجل إنجاح جميع المحطات النضالية القادمة من أجل الدفع نحو الاستجابة لمطالبهم المشروعة والمستعجلة ويتمنى لهم الصحة والسلامة.
تاسعا: يشير إلى أنه ستتخذ خلال الوقفة الاحتجاجية جميع إجراءات السلامة والاحتياط والتوقي.
عن المكتب التنفيذي
رئيس الجمعية
أنس الحمادي
شارك رأيك