يعتبر الأديب ابراهيم الدرغوثي من التجارب المهمة في الأدب التونسي والعربي. هو كاتب عرف بغزارة إنتاجه سواء في مجال الرواية أو القصة كما أن له ترجمات ساهمت في التعريف بتجارب إبداعية غربية للقارئ العربي.
بقلم البشير عبيد
ابراهيم الدرغوثي كاتب يشق طريقه بثبات في الحقل الأدبي وخاصة في فن السرد فتجربته السردية هي تجربة تأخذ من التراث وتتجانس مع الفنون الأخرى لتقدم للمتلقي مادة تعيد صياغة الواقع بطريقة بارعة لا يجيدها إلا ابراهيم الدرغوثي نفسه. فقد برع في كتابة القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا من أعماله نذكر “النخل يموت واقفا”، (سنة 1989) ، “الخبر المر” (1990)، “رجل محترم جدا” (1995)، “كأسك…يا مطر” (1997) ، “منازل الكلام” (2009).
كما أن للأديب ابراهيم الدرغوثي تجربة روائية تكتنز أسرارا لا يفك شفراتها إلا من غاص في أعماقها وتاه بين ظلالها وشرب من المعنى حتى الثمالة ، ذلك أن الروائي ينطلق من الواقع ليحلق بك في عوالم أخرى فتارة يرمي بك وراء السراب وتارة يجعلك شريكا في لعبة الحظ. و قد تحصل على عديد الجوائز الهامة في الفن الروائي نذكر منها جائزة الكومار الذهبي لأفضل رواية سنة 2003 عن رواية “وراء السراب قليلا”، بالإضافة إلى جائزة لجنة التحكيم للكومار الذهبي سنة 1999 عن رواية “أسرار صاحب الستر”.
كما لا يفوت المطلع على تجربة ابراهيم الدرغوثي أن يمر على ترجمات كتبه إلى اللغة الفرنسية مثل روايتي “الدراويش يعودون إلى المنفى” و “شبابيك منتصف الليل” ليكون قريبا من القارئ على نطاق أوسع خاصة وأن تجربته الأدبية تستحق أن تحلق خارج أسوار المدن. وقام هو بدوره بترجمة عدة أعمال سواء من العربية إلى الفرنسية أو العكس فترجم ديوان شعر “شمس شفتيك” للشاعر الإماراتي حارب الظاهري إلى اللغة الفرنسية وترجم مجموعة من الأشعار الصينية عن اللغة الفرنسية وقصص قصيرة وحكايات من الأدب الصيني الحديث، وله كتاب سيصدر قريبا بعنوان “ورود الأزاليا” وهي ترجمات لأشعار من العالم من إفريقيا وشرق آسيا وأوروبا تفتح نافذة على تجارب كونية وهي إضافة للمشهد الشعري العربي والعالمي.
كما اهتمت الجامعات بأعماله الأدبية القصصية والروائية على حد سواء في العالم العربي والغربي كذلك مما يجعل من هذه التجربة تحفر في العمق وتترك بصمتها في الحقل الأدبي وتدعو المسافر في المعنى أن يحط رحاله على هذه التجربة الحافلة بالانجازات والتي تحمل في ثناياها رؤية فنية عميقة وجديرة بالاهتمام.
إن اللافت في تجربة هذا الكاتب الروائي المسكون بهاجس الإبداع المغردة خارج السرب هو نهله من الواقع المعيش ومن التراث الذي أحسن توظيفه محاولا خلق حالة من الموائمة بين الواقع والمتخيل لأن هذه الثنائية هي جوهر الكتابة بكل تعبيراتها وسياقاتها زمانا ومكانا. فقد اختار محنة الكتابة ليعبر من الواقع إلى الحلم، معتبرا إياها مسارا ونهجا في الحياة دون أن ينسى السفر إلى مرافئ الحرية وكل القيم الكونية التي تضطلع بها الكتابة الروائية على وجه الخصوص فالكاتب في نهاية المطاف يحمل رسالة إنسانية لا تقبل المساومات.
شارك رأيك