“( تفاعلا مني مع المساجلة المثيرة بين رئيس محكمة التعقيب “الطيب راشد” ووكيل الجمهورية السابق “البشير العكرمي” وما تسرب منها من حقائق صادمة ومروعة فيما يتعلق بملف الشهيدي “بلعيد/ البراهمي)-
..التراشق بالتهم الذي طفا مؤخرا على السطح بين رأسين كبيرين من رؤوس ” الأخطبوط القضائي” الذي بعثه “البحيري” في “بحر الظلمات”كي ينهش كل أسماك السردين التي تسبح ضد التيار..ذكرني بذلك المثل الشعبي الذي يقول ” اذا تعاركوا السراق..بانت السريقة”..
.. وما يهمني تحديدا في هذا الأمر الجلل هو التلاعب الخطير الذي طال ملف الشهيدين ” بلعيد والبراهمي” واللذين ما زالا يتطلعان الى الأفق البعيد ويتعقبان بصيصا من الأمل والرجاء من” بحّارة ” كانوا ذات يوم … “رفاقا”…. لكنهم تاهوا في لجج الصراعات العقيمة والأطروحات السقيمة حول ما إذا كان يجب توجيه الحراب / ان كان مازال لديهم حراب/ نحو رأس ” الأفعى” أم الى ” ثوب الحنش”..وطبّعوا مع حقيقة الدم المهدور و الرهان المخسور .. فلم يهبّوا وكعادتهم الى التقاط الفرصة الذهبية التي تتاح لهم كل مرة كي يقتنصوا الأخطبوط ويصيبوه في مقتل..بل يبدو – وللأسف الشديد- انهم لن يفعلوا ذلك ..كما لم يفعلوه في السابق..
..في الجانب الآخر من الصورة يتراءى لي مشهد مشوّش يكتنفه ضباب مقلق كثيف ..تتوارى فيه عن الأنظار “مظاهرة مليونية” زفّت في يوم ما من فيفري 2013 شهيد الشعب والوطن.. شكري بلعيد الى مقبرة الجلاز ثم اختفى جل أو كل من شاركوا فيها في صحراء قاحلة لا قرار لها خارج هذا البلد.. ان لم يكن خارج الكوكب..بل لعلهم التحقوا راسا بيوم الحشر تحت سياط من التفقير والتجويع والتهميش والمرض والكوارث والجوائح.. واليوم صاروا يصحون على “الكورونا” وينامون على الكوفيد”..ولا أمل منهم كبير يرجى في المشاركة في اقتناص الأخطبوط….وهكذا صرت تراهم مذهولين يشاهدون ما يجري أمامهم بعيون زائغة تبحث عن “فانة” وهمية في السماء مجاورة ل..”برج الكامور”….وذلك رغم هتك الحجب عن الأسرار الدفينة الخطيرة في قضية الشهيدين والتي كانت كفيلة/ في زمن مضى/ بزلزلة هذا البلد تحت اقدام المجرمين القتلة الذين جثموا وما زالوا على جماجمنا بالكذب وتزييف الحقائق وتدمير مقدرات البلد وجعله لقمة سائغة لكل من هب ودب..
..فيما مضى كانوا يتهموننا بالتحامل و”الحقد” الذي لا مبرر له..ونجحوا في خداع الكثيرين من أبناء هذا الشعب وحولوا جزءا كبيرا منهم الى “باراشوكات” رخيصة أو “مراوحية” يستميتون في الدفاع عن شخوصهم ويقومون بتبييضها ويتصدون لكل من يفضح نفاقهم ورياءهم..وبالمناسبة فأنا أستسمح هؤلاء كي أوجه لهم الدعوة التالية …
…أسواء كنتم ” من “الواعين” أوغير الواعين”.. من “الطيبين” أو” الإنسانيين” أو حتى من أنصاف ذلك… فقط انظروا..تأملوا ..معي..إشراقة وجه الشهيدين في الصورة/ رغم سنوات سبع عجاف من الموت والاغتيال/ ..كيف تتطلع الى العدالة المقبورة التي دُفِنت بعلم وتواطؤ من “مجلس الشورى” ..تمثلوا أبناءهما الذين حرموا من نعمة الأبوة..و تيتموا في عز شبابهم..أفلا يحرك فيكم ذلك ولو نزرا يسيرا من “إنسانيتكم” الفياضة التي عبرتم عنها إزاء محنة السيدة محرزية”… التي ما زلت وسأظل.. أتمنى لها الشفاء”….. ذلك لأني لم أتشرب مثلكم ثقافة الحقد والتشفي و” تقطيع الأوصال “و” موتوا بغيظكم”…. لسبب بسيط هو إيماني العميق بأ ن أعظم دين للبشرية قاطبة هو “دين الانسانية” الذي يجمع ولا يفرق.. نعم ” الانسانية” ولا شيء غير الانسانية”..ولأني ما زلت بعد أذكر قولة حفظتها عن أمي منذ الطفولة ” الموت ما نشتيهاش حتى لْ عدو”…!!
فيما عدا ذلك.. ..بماذا سينفعني “دينك”..ان لم تكن دماء الانسانية تجري في شرايينك..؟؟ ؟”.
شارك رأيك