مجلس نواب الشعب المنبثق عن انتخابات 2019 فاقد للشرعية و خارج سياقات القانون بل يمكن اعتباره غير موجود أصلا، برئيسه و أغلب نوابه، وهو بعبارة أخرى منحل لأن ما بني على باطل فهو باطل…
بقلم توفيق زعفوري *
الكل ينطق و يستشهد و يلجأ للقانون لأنه ببساطة قوي في حجيته و لا نزاع فيه و لا اختلاف عليه، إلا لمن أراد فيه فلسفة و فقهاً، لغاية في نفسه لا غاية في العلم و المعرفة، و لكن لا أحد يطبقه و يلتزم به.
الفصل 163 من قانون الانتخابات والاستفتاء يقول ما يلي : “مع مراعاة مقتضيات الفصل 80 إذا ثبت لمحكمة المحاسبات أن المترشح أو القائمة قد تحصلت على تمويل أجنبي لحملتها الانتخابية فإنها تحكم بإلزامها بدفع خطية مالية تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفا لمقدار قيمة التمويل الأجنبي و يفقد أعضاء القائمة المتمتعة بالتمويل الأجنبي عضويتهم بمجلس نواب الشعب و يعاقب المترشح لرئاسة الجمهورية المتمتع بالتمويل الأجنبي بالسجن لمدة خمسة سنوات”…
نحن نعرف من هي الأحزاب التي أخلّت بالقانون عمدا أو سهوا، و من التي تلقّت تمويلات مشبوهة من الداخل و الخارج فاقت قيمة التمويل العمومي المسموح به قانونا، لم يعد الأمر سرا، الأحزاب المتصدرة نتائج التشريعيات و الأكثر تمثيلية، هي الأحزاب المتهمة، أي حركة النهضة و قلب تونس، و المعنية بتقرير دائرة المحاسبات الأخير حوا انتخابات 2019…
المجلس النيابي خارج سياقات القانون
بعد تحقيقات قانونية صدرت نتائجها في تقرير دائرة المحاسبات الذي وصلت نسخة منه إلى السيد رئيس الجمهورية، و إذا نحن تابعنا تفاصيله و صار إلى تطبيق توصياته يكون المجلس النيابي الحالي خارج سياقات القانون و غير موجود أصلا، برئيسه و نائبيه و أغلب نوابه، فهو بعبارة أخرى مجلس فاقد للشرعية و محلول متحلل و ما بني على باطل، فهو باطل…
بقطع النظر على أهمية المجالس النيابة في النظم الديمقراطية من ناحية مراقبة عمل الحكومة و من ناحية الجانب التشريعي فقط، تكون هذه المؤسسة بالغة الأهمية بل لازمة و ضرورية، لكن صورتها في تونس و ما شابها من إخلالات حتى أخلاقية و بخاصة طرق الوصول إليها، يكون أيضا لزاما على السلطة القضائية، إنفاذ القانون فيها و إلاّ فهي، أي السلطة التشريعية، سلطة منتهية الصلوحية وفاقدة الأهلية و باطلة…
وهم الديمقراطية والانتخابات المغشوشة
لا فائدة إذن أن تمارس علينا الأحزاب الأكثر تمثيلية لعبة الديمقراطية و توهمنا أن وصولها للبرلمان كان انتخابيا، شفافا و ديمقراطيا صرفاً، بل العكس، وصل أغلب نواب المجلس إلى قصر باردو عن طريق المال الفاسد و المشبوه والمشوّه و العابر للحدود… ذلك أن التمويل العمومي المسموح به لا يمكن أن يفرز مشهدا نيابيا منبتّا فسيفسائيا كالمشهد الحالي زادته التحالفات المصلحية والبراغماتية و التجاذبات الأيديولوجية تشويها، أكثر من ثلاثة أرباع التونسيين يرغبون في حله و طي صفحته إلى الأبد…
* محلل سياسي.
شارك رأيك