داخل حركة النهضة فوضى و تململ و صراعات و انشقاقات و رفض و أحقاد فيها الخفي و فيها المعلن… هناك حالة رفض و مواجهة معلنة و صاخبة من كثير من القيادات الوازنة لسياسات لكبيرهم و مرشدهم الشيخ راشد الغنوشي الرجل المسنّ الذي يتحكم بمقاليد الحركة بكثير من الدهاء و المكر منذ أكثر من أربعين سنة.
بقلم أحمد الحباسى *
طبعا هذه المعركة التي يديرها بعض رموز “عريضة المائة” مثل وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي أو وزير الفلاحة السابق محمد بن سالم و غيرهما تحمل بعض العناوين الجذابة مثل ضرورة التداول على قيادة الحركة و الاستئناس بالديمقراطية وغيرها من المبادىء العامة لكنها تخفي صراعا أساسه الوصول إلى مفتاح الخزائن المالية للحركة و هو مفتاح من رئيس الحركة ليس مستعدا للتفريط فيه لأحد.
شعارات زائفة و مغالطات بالجملة
حين تستمع إلى عبد اللطيف المكي أو عماد الحمامي تصاب بالذهول خاصة إذا لم يكن لديك مطالعات سابقة و إبحار عميق في مضامين كتب حركة الإخوان المسلمين التي تعتبر النهضة فرعا من فروعها دون نقاش، يؤكد الرجلان أن ما تشدقت به كل قيادات النهضة منذ نشأتها بأن “أمرهم شورى بينهم” هو مجرد شعار زائف و يلحّان بإصرار غير مسبوق أن هذا الشعار هو للمغالطة و أن ما يحدث فعلا منذ نشأة الحركة هي ديكتاتورية الفرد الواحد المتمثلة في نفس الشخص الشيخ راشد الغنوشى و أن مجلس الشورى أو غيره من “المجالس” داخل الحركة هو مجرد تجمع أفراد يحكمهم و يديرهم و يأتمرون بأمر المرشد على قاعدة السمع و الطاعة التي لا يمكن لأحدهم الحياد عنها دون التعرض إلى السخط و التهميش.
بطبيعة الحال يدرك الشيخ الغنوشي الأهداف الحقيقية لأصحاب “عريضة المائة” و لذلك جاء جوابه في الرسالة الشهيرة قاطعا و عنيفا بأن ليس سهلا التخلص منه لأن “جلود الزعماء خشنة”.
انحدار منسوب الثقة في حركة النهضة
لعل الشيخ يفكر اليوم جديا في الغذاء بأصحاب العريضة قبل أن يتعشّوا به على رأى القول الشائع و لعلّ جماعة المائة لا ينكرون عليه هذه القدرة في التخلص منهم و لو على فترات وبطرق مختلفة فهم على كل حال لا يتجاهلون أن الرجل قد تخلص سابقا من كثير من القيادات المهمة مثل صالح كركر و حمادي الجبالى و خميس الماجرى، لذلك يبقى السؤال الحارق هذه المرة هل سينجح جماعة المائة في إسقاط المرشد و إبعاده عن رئاسة الحركة تمهيدا لمحاسبته و استرجاع خزينة الحركة أم سيستطيع الرجل الانتصار في معركة السكاكين الطويلة. وفي كل الأحوال هل سيتواصل انحدار منسوب الثقة في الحركة و الذي تؤكده استطلاعات الرأي الأخيرة و هل ستخسر حركة الإخوان فرعا من فروعها المهمة و المكلف بتنفيذ أجندات مشبوهة يكتشف البعض خاصة بعد فضيحة التسريبات الأخيرة بين القاضيين الطيب راشد والبشير العكرمي أنها لا تخدم مصالح تونس.
* محلل سياسي.
شارك رأيك