أدبيات كثيرة نبّهت لخطورة كسر حاجز الخوف منذ 2011، وهدم القيمة المعنوية للدولة، وتجاهل الحفاظ على كيانها. ويبدو أنّ حالات الخروج عن الانضباط المسجلة جاءت لتؤكد هذه المخاطر وتعكس “الأثر الارتدادي السلبي” للثورة لدى هذه الهياكل. فالثورة التي تعتبر حدثا تاريخيا لتصحيح مسار وإعادة ضبط سلوك الدولة، تحوّلت في وجه من وجوهها الى جسر لعبور الانفلات.
بقلم محسن بن عيسى *
هناك خيبة أمل كبرى تجاه ما يحدث في وزارات السيادة من تخابر لعناصر من الجيش مع مهربين، وتورط أمنيين في التعامل مع تجار مخدرات، وتبادل اتهامات بين قضاة في مرتبة عليا في السلم القضائي.
هناك أسباب سياسية وأخرى تنظيمية وراء هذا الوضع، ولكن من المفروض في المطلق أنّ الانتماء إلى السلك القضائي والقوات المسلحة والهياكل الأمنية يعني بالضرورة الالتزام بأعلى أشكال الانضباط.
أدبيات كثيرة نبّهت لخطورة كسر حاجز الخوف منذ 2011، وهدم القيمة المعنوية للدولة، وتجاهل الحفاظ على كيانها. ويبدو أنّ حالات الخروج عن الانضباط المسجلة جاءت لتؤكد هذه المخاطر وتعكس “الأثر الارتدادي السلبي” للثورة لدى هذه الهياكل. فالثورة التي تعتبر حدثا تاريخيا لتصحيح مسار وإعادة ضبط سلوك الدولة، تحوّلت في وجه من وجوهها الى جسر لعبور الانفلات.
لست ممّن ينكر في المطلق دور بعض المسؤولين لدينا في تطبيق أحكام الردع ضد الخروج على الانضباط، والتصدي لحالات الفوضى. ولكن قد أصبح ضروريا بعد ” العقد الضائع” وما شهدناه فيه أن ترفع الدولة تحدي الإصلاح الشرط المُسبق لإعادة بناء وعي المجتمع والنهوض بالواقع السياسي والأمني والقضائي والاقتصادي والاجتماعي.
هناك حاجة لتوضيح الحدود الفاصلة بين الانضباط والانفلات، وبين الالتزام والفوضى، فالدولة في بلادنا لم تكن محل ضعف وجدل مثلما هي الان.
* عقيد متقاعد من الحرس الوطني.
شارك رأيك