تحتفل تونس وسائر بلدان العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر من كلّ عام. وهي تحيي بذلك ذكرى اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يحدد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحقوق والحريات الأساسية التي نتمتع بها جميعنا.
بقلم فتحي الهمامي *
هذا الاحتفال بيوم حقوق الإنسان انطلق رسميًا في العام 1950، بعد أن أصدرت الجمعية العامة القرار رقم 423 (V)، الذي دعت فيه جميع الدول والمنظمات الدولية إلى اعتماد 10 ديسمبر من كل عام يومًا عالميًا لحقوق الإنسان.
وعندما اعتمدت الجمعية العامة الإعلان، اعتُبِر “المثل الأعلى المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب والأمم”، اي ان تسعى البشرية جاهدة إلى تجسيم المبادىء المضمنة في ذلك الإعلان الذي هو بمثابة العقد المعنوي المطلوب احترامه من الجميع.
ويحدد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحقوق والحريات الأساسية التي نتمتع بها جميعنا. كما يضمن حقوق كل فرد في كل مكان، دونما تمييز على أساس الجنسية أو مكان الإقامة أو الجنس أو الأصل الوطني أو العرقي أو الدين أو اللغة أو أي وضع آخر.
وعلى الرغم من أن الإعلان ليس بوثيقة ملزمة، فقد شكل مصدر إلهام لإعداد أكثر من 60 صكًا من صكوك حقوق الإنسان، تشكل مجتمعةً معيارًا دوليًا لحقوق الإنسان.
30 مادة مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة
كيف لا وقد صمدت هذه الوثيقة الخالدة امام اختبار الزمن ولا تزال تشكل أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومعياراً مشتركاً للإنجاز من قبل جميع الشعوب وجميع الأمم. ولما مضى 72 عاماً على الإعلان، فمن المهم التأكيد على أهمية وكونية هذه الوثيقة الحية. ففي عالم يزداد تعقيدا وخطورة، أصبح الإعلان الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ويحدِّد الإعلان 30 مادة تتضمن الحقوق والحريات التي تخصُّ الإنسان والتي لا يجوز لأحد أن ينتزعها منه، وجميعها مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة. لماذا ؟ لأنه كما بينته المادة الأولى للإعلان: “يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق”.
فالكرامة معطى ثابت ومتاصل في الإنسان، والانسان هنا بمعناه المطلق: أينما ولد ومهما كان لونه أو أصله، نساء ورجالا على حد سواء… والاعتراف بذلك هو مقدمة للإقرار بكافة الحقوق الانسانية المتساوية والثابتة للجميع. ومن تلك الحقوق التي اتى بها الإعلان : الحق في الحياة والحرية (المادة 3 )، لا يعرض أي إنسان للتعذيب (المادة 5)، لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين (المادة 18)، لكل شخص الحق في العمل (المادة 23)، لكل شخص الحق في الصحة (المادة 25).
معالجة الإخفاقات التي كشفتها جائحة كوفيد-19
وفي هذا العام يتعلق موضوع يوم حقوق الإنسان (الذي حددته الأمم المتحدة) بجائحة كوفيد-19، إذ يركز على الحاجة إلى إعادة البناء بشكلٍ أفضل من خلال ضمان أن تكون حقوق الإنسان أساسيةٌ في جهود التعافي.
واعادة البناء تتم بمعالجة الإخفاقات التي كشفتها واستغلتها جائحة كوفيد-19، مع تطبيق معايير حقوق الإنسان للتصدي لأوجه عدم المساواة والإقصاء والتمييز المتجذرة والمنهجية.
إن العاشر ديسمبر يُعد فرصةً لإعادة التأكيد على أهمية حقوق الإنسان في إعادة بناء العالم الذي نريده، والحاجة إلى التضامن العالمي، وكذلك ترابطنا وإنسانيتنا المشتركة كبشر.
وفي هذا الإطار تدعو الأمم المتحدة هذه السنة إلى رفع شعار “دافع عن حقوق الإنسان”، الذي يهدف إلى أن يشارك عامة الناس والمجتمع المدني كما المحتمع الدولي في تعزيز العمل الانساني وعرض أمثلة عملية وملهمة عن ذلك يمكن أن تسهم في التعافي بشكلٍ أفضل وإيجاد مجتمعات أكثر مرونةً وعدالةً.
* مناضل حقوقي.
شارك رأيك