في أجواء الأزمة الخانقة اليوم في تونس ووسط الأجواء السياسية المشحونة و غياب أفق الحل في كل شي أصبح من المطلوب اليوم من الرئيس قيس سعيد ان يلعب دوره كاملا في حلحة الأزمة فوضع البلاد لم يعد يحتمل مزيدا من التأخير والانتظار.
بقلم محمود الحرشاني *
لم تعرف تونس في تاريخها فترة أسوا من الفترة الحالية . فكل شي يكاد يكون متعطلا والعجلة لا تدور والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية من سيء إلى أسوا. فالتونسي اليوم أصبحت قصارى أمنياته الحصول على قارورة غاز منزلي ولو أدى به الأمر إلى الانتظار لساعات طويلة في العراء في محلات توزيع قوارير الغاز في مشهد مؤسف يعيد إلى الذاكرة صور سنوالت المجاعة والفقر والميزيريا.
والجميع بانتظار ساعة الفرج لحلحلة الأزمة والخروج منها. ولا أحد لديه الحلول لأن الوضع يزداد سوءا والأوضاع تتعقد اكثر.
أحزاب تتاجر بالوهم لأنها لا تمتلك الحلول للمشاكل
المشهد السياأسي بات مقرفا ولا أحد من التونسيين اليوم أصبحت له ثقة في هذه الأحزاب القائمة كبيرها وصغيرها فأمام تفاقم المشاكل لم تجد هذه الأحزاب نفسها بل إن التونسيين لم تعد لدى أغلبيتهم الرغبة في ممارسة النشاط السياسي ويعتبر ان هذه الأحزاب تتاجر بالوهم لأنها لا تمتلك الحلول لمشاكله. ومجلس النواب أصبح يسوق أسوا صورة عن تونس اليوم من خلال مشاهد الصراعات اليومية ومشاهد العنف والتجلطيم وعدم احترام الكتل بعضها البعض وهو ما أوجد حالة احتقان كبيرة أدت إلى استعمال العنف المادي والاعتداء على أحد نواب الكتلة الديمقراطية من قبل نائب من كتلة الكرامة وهي كتلة تمارس العنف المادي واللفظي على الجميع وتستبيح ذلك بكل سهوله وتعتبر ذلك بطوله.
مشاهد مقرفة تصل التونسيين يوميا من رحاب مجلس النواب الذي بالكاد استطاع أن يمرر قانون ميزانية 2021 بعدد من الأصوات لم يتجاوز 110 وهي ميزانية خالية من أي بعد اجتماعي حسب تحليل المختصين.
ديمقراطية نظام الكسور وأكبر البقايا
المشكله في الصراعات داخل المجلس ان هناك بعض النواب الذين جاؤوا بفضل نظام انتخابي عقيم يسمح بأكبر البقايا حتى ولو كانت خمسمائة صوت لمن يتحصل عليها أن يكون عضوا في مجلس النواب. وهذه معرة من المعرات لأن هذا العدد من الأصوات لم يكن يسمح لصاحبه حتى بأن يكون عضوا فيي شعبة ترابيه دستورية زمن بورقيبة وأنا أعرف شعبا دستورية ترابية كان عدد منخرطيها ألف وخمسمائة منخرط يعني أكثر ثلاث مرات من منخرطي أي حزب سياسي اليوم. باستثاء حزب حركة النهضة والدستوري الحر.
هؤلاء لا يخجلون وهم ناجحون بنظام الكسور وبأكبر البقايا يستاسدون أمام الات التصوير ويضرب الطاوله ويقول لك انا عضو مجلس نواب…
وسط هذا الجو المشحون والذي وصلت معه تونس إلى حالة انسداد في كل شي أصبح من المطلوب اليوم من الرئيس قيس سعيد ان يلعب دوره كاملا في حلحة الأزمة فوضع البلاد لم يعد ينتظر. وها قد مضى أكثر من أسبوع منذ أن تلقى الرئيس مشروع مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل ولكنه لم يردعليها الى اليوم.
وهذا يعني رفض المبادرة لأن الرئيس اشترط ألا يشارك في الحوار الجديد من يعتبرهم متورطين في قضايا فساد أو ينتمون الى العهد السابق. وهذا نراه مجانبا للصواب فنحن لسنا في مرحلة فرز يا سيادة الرئيس وحتى من لم ينتخبك فأنت رئيسه. فانت لست رئيسا لمن انتخبوك فقط. أنا شخصيا لم أنتخبك ولكنك بالدستور وبالقانون انت رئيسي طالما أنت رئيس للجمهورية وليس لجزء منها فقط. هل نترك من استثنيتهم في حماية رئيس دولة اخرى؟ هذا اسمه الخور بعينه يا سيادة الرئيس فانت الرئيس وليس من حقك أن تمارس عملية الفرز والاقصاء.
أنت رئيس كل التونسيين و ليس رئيس ثوار الساعة الخامسة والعشرون فقط
ان شرعيتك الانتخابية يا سيادة الرئيس في حاجة الى أن تدعمها بشرعية ممارسة فعليه ولا نحتاج الى خطاباتك الجهورية الان بقدر ما نحتاج إلى أفعال وممارسات. حتى لا تكون خطاباتك البليغة مجرد صرخات في واد غير ذي زرع.
الان يا سيادة الرئيس الساعة ساعة جد وبناء وإنقاذ فتونس تنادينا جميعا…
وكفى هواة السياسة عبثا فهم يتعاركون ويتخاصمون على رؤوسنا فوق رؤوسنا دون خجل أو حياء… وانى يكون لهم حياء وهم في أغلبهم من راكبي قطار الساعة الخامسة والعشرون.
اننا نجني دمار عشر سنوات عجاف مرت على البلد فحولت خضرته التي اشتهر بها إلى لون رمادي ونأمل أن تتداركوا الأمر قبل أن يستحيل إلى اللون الأسود لا قدر الله – وقتها لا ينفع فيها لا ثورة ولا ثوار.
* كاتب ومحلل سياسي مدير موقع الثقافية التونسية.
شارك رأيك