لا احد منا ينكر انه، بعد إرساء دستور تونس الجديد بالرغم من التعقيدات و الإشكاليات التي طرحها النظام السياسي الذي يحمله في طيتها، انه دليل على القطع مع منظومة سابقة جثمت على أنفاس التونسيين و كرست ديكتاتورية مقنعة ،دجنت فيها عديد القامات الفكرية و الوطنية لخدمتها في ديناميكية نظامية يسودها الاحترام المتبادل بين الفاعلين السياسيين و تعلى فيها مصلحة الدولة و القانون فوق الجميع بالرغم من بعض الإنحرافات على المستوى الحقوقي.
بقلم وليد البلطي *
عشرة سنوات مرت، اختلط فيها الحامل بالنابل، في تدهور تدريجي نهائي حتمي للمشهد السياسي، ساده العنف اللفظي و الجسدي و الفكري، وضربت فيه بعرض الحائط مصلحة البلاد و العباد، و تعالت ضوضاء الشتائم من قوم ليسوا منا تحت برلمان، يكاد المشاهد أن يعتبرهم من نسل يأجوج و مأجوج.
نظام انتخابي هجين و لقيط أنجب 217 نائبا، بعضهم صالح و البعض الأخر طالح، تظنهم جرادا منتشرا يصم الآذان و يحجب الرؤية و يأتي على الأخضر و اليابس، و لا يبالي بشيء.
لقد كذبوا عليهم وخدعوهم و قالوا لهم انهم أسياد القوم و أشرفهم و انهم يمثلون شعبهم، فعن أي شعب يتحدثون وعن أي جمهورية يحافظون ؟ جمهورية يفقد فيها الرضيع الأمل في الحياة، و يزداد الفقير فيها فقرا و يتغول فيها السقيم و يموت فيها الجائع المسكين و يعيش فيها الحر كاللائيم و الفاسد كالحكيم.
سكن الآلم فينا و انبعثت رائحة الموت على جميع المستويات من كل مكان، ومجلس شعب تقبرنا زبانيته يوما بعد يوما، فتموت أحاسيسنا بهذا الوطن الذي تلاعبت به أهواء المتراقصين في بحر تناطحت الأمواج المصلحة فيه، و رحنا نغرق غير مبالين بالموت، لأننا في حقيقة الأمر نحن شعب ميت، ننقاد الى حتفنا رغم أنوفنا لضيق الحال و التدبير.
إرحلوا عنا يا نسل يأجوج و مأجوج، أفلم يحن الوقت حتى يسكب عليكم زبر من الحديد ؟ أم قدركم أن تعيثوا في الأرض فساد في غياب ذو القرنين ؟ فمتى ترحلون عنا او يرحلونكم قسرا؟
* خبير قانوني.
شارك رأيك