الرئيسية » قضية النفايات الإيطالية : حذاري من التعطش الجماعي للمحاسبة !

قضية النفايات الإيطالية : حذاري من التعطش الجماعي للمحاسبة !

علينا أن نحذر من التعاطي الاستعراضي والفرجوي مع قضايا الفساد والانسياق وراء اسلوب ال buzz في تداول هذه المواضيع… حتى لا نفاجئ كما في كل مرة بأن القضية غير جدية مثلما حصل مع عديد القضايا…

بقلم عبد الرزاق بن خليفة *

قانون البيئة في تونس في مجمله ينص على مخالفات أو جنح ذات عقوبات بسيطة (خطايا)… باستثناء بعض الجرائم وعددها بسيط… وفي قضية النفايات الإيطالية القانون يجرم توريد النفايات الخطرة و العقوبة من شهر إلى خمس سنوات مع خطية مالية… وليس كل النفايات خطرة قانونا… الجريمة هي توريد نفايات خطرة… وأشدد على عبارة خطرة… لماذا؟ لأن قضية توريد النفايات من إيطاليا قد تسقط في الماء إذا تبين أن الأمر لا يتعلق بنفايات خطرة مدرجة بقائمة حصرية تضم النفايات الاشعاعية والكيميائية والبيولوجية والطبية و القابلة للاشتعال (الأمر عدد 2339 لسنة 2000)… لأن القانون يمنع توريد النفايات الخطرة ولا يمنع توريد النفايات المنزلية (الفصل 39 والفصل 40 من قانون 1996)… بل ان قانون التشجيع على الاستثمار يشجع على الاستثمار في البيئة بالحط من الأداء على القيمة المضافة أو توقيف العمل بها وحتى التمتع بمنح استثمار…

ما تسرب من معلومات لحد الان في هذه القضية يتعلق الأمر بنفايات من البلاستيك والخشب والأتربة والأقمشة وهي نفايات غير مدرجة بالقائمة الواردة بالأمر عدد 2339 لسنة 2000… وحتى اتفاقية باماكو تتعلق أيضا بالنفايات الخطرة فقط…

قد يجد القاضي نفسه مجبرا على تحويل القضية إلى الفصل 96 من المجلة الجزائية أي تحويلها إلى جريمة فساد في غياب جريمة بيئية… مكافحة الفساد منهجية علمية ومسار قانوني دقيق وليست احتفالا… و الحذر كل الحذر من التناول الإعلامي والدوس على قرينة البراءة بسبب حالة التعطش الجماعي للمحاسبة… وأخشى أن إعفاء بعض إطارات الديوانة ال21 سابقا فيها شيء من هذا…

غياب المحاسبة للأسف غذى هذا الشعور “بالغبطة” عند كل عمليات إيقاف وزير أو مسؤول… وهو شعور غير صحى في تقديري ولا يتماشى ومفهوم الدولة الديموقراطية ودولة القانون…

هذا الشعور أيضا أصبح يؤسس لقرينة الإدانة عوضا عن قرينة البراءة… وكانت ضحيته حكومة بأكملها سقطت في وقت عصيب…

على كل حال لا نبرئ ولا نجرم لأن الحقيقة في الملف… والقاضي وحده مؤهل لتقدير الوقائع…

* ناشط سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.