هل كانت البلاد في حاجة الى كارثة أخرى لتزيد الصورة قتامة على قتامتها حتى تحل بيننا فضيحة وكارثة النفايات الإيطالية هذه الأيام الأخيرة من سنة 2020… ليبقى هذا العام محفورا في الذاكرة الجماعية للتونسيين بما حل بهم من كوارث…
بقلم محمود الحرشاني *
و من هذه الكوارث انتشار وباء الكورونا الذي حصد الاف الأرواح من الأهل والأقارب والأحبة ومازال مواصلا انتشاره بنسق حثيث إلى كارثة اللسان الأزرق التي أتلفت الالافا من رؤوس المواشي إلى تعطل الإنتاج في عشرات المصانع والمعامل إلى فضيحة نقص الغاز المنزلي والتي ارتفع فيها سعر القارورة الواحدة إلى ما لا يقل عن ثلاثين دينارا إلى فضائح الموت في البالوعات إلى البراكاجات والاعتداء بالعنف على الناس في واضحة النهار من قبل المجرمين والمارقين عن القانون… إلى غير ذلك من الكوارث والمصائب التي حلت بهذا البلد وليس أقلها خطرا عبث الطبقات السياسية وعدم تقديرها للمسؤولية المناطة بعهدتها.
لقد استشرى الفساد في الأرض وشمل كل القطاعات وأغلب المؤسسات. ولا تكفي كل هذه المصائب حتى يظهر الإرهاب من جديد بعد أن كدنا نقول انه اختفى أو توارى على الأقل فإذا هو يطل علينا في أبشع صوره بقطع رأس راع لم يرتكب أي خطيئة سوى انه خرج صباحا من منزله يقود شويهاته القليلة إلى سفح الجبل ولم يكن يدري ان الموت يتربص به ليفصل رأسه عن جسده على أيدي مجموعة من الإرهابيين يريدون من خلال هذه العملية البشعة توجيه رسالة إلى من يهمه الأمر انهم مازالوا هنا وانهم يعيشون معنا وفي أعالي الجبال وفي سفوحها وأن لاشيء يحول بينهم وبين الإقدام على أفعالهم متى شاؤوا وأرادوا.
طبقة سياسية فاسدة غارقة في الوحل
لم تعد خطابات السياسيين وفي مقدمتهم خطابات رئيس الجمهورية تقنع أحدا او تحول دون ارتكاب المحظور وتأمين سلامة الشعب. فنحن لدينا طبقة سياسية فاسدة غارقة في الوحل لا يهمها الا مصلحتهات الشخصية والحزبية.اما مصلحة المواطن وتأمين رغيف عيشه فذلك أمر لا يعنيهم كثيرا. خصوماتهم في مجلس النواب أصبحت مصدر إزعاج لكل التونسيين الذين كرهوا هذه الطبقة السياسية الفاسدة الفاقدة لأي شعور بالمسؤولية ما عدا القلة القليلة التي تضيع صرخاتها في زحمة غوغاء الفاسدين الذين لا يراعون إلا مصالحهم.
تعب التونسيون من عبث هؤلاء السياسيين الذين تحكموا في أوصال المجتمع والجسم الانتخابي بواسطة المال الفاسد وإرشاء ضعاف الحال والمواطنين البسطاء مقابل الحصول على أصواتهم.
البلاد غرقت كلها في النفايات بكل أنواعها
والنتيجة فساد أصبح عاما يتنفسه التونسيون مع الهواء الذي صار ملوثا نتيجة كثرة الفضائح في كل المجالات تقريبا لتاتي فضيحة النفايات الإيطالية ونحن في الأيام الأخيرة من هذا العام لتؤكد لنا ان البلاد غرقت كلها في النفايات وصعب ان تعثر اليوم على موقع قدم نظيف. والتلوث هنا في المعنيين المادي والمعنوي فهناك تلوث يزكم الانوف ويصيب جهاز التنفس في مقتل وهناك تلوث معنوي لا يلمسه المواطن بيده ولكنه يسكن معه في بيته ويتنقل معه في الحافلة وسيارة التاكسي والأجرة ويذهب معه إلى مكتب البريد ويجلس معه في غرفة التلفزيون يشهد معنا ما تتكرم به علينا قنوات تلفزيه تروج للفساد من مواد تلفزيه مسمومة.
* كاتب ومحلل سياسي.
شارك رأيك