“توفي اليوم السيد جلبار النقاش الذي عرفته طيلة الثمنينات جمعتنا نفس قيم اليسار الاجتماعي والحركة الحقوقية وكان أيضا من القلائل الذي غامر بنشر إحدى كتبي باللغة الفرنسية L’échec et l’espérance
ثم فرقتنا الخلافات الايدولوجية حول الموقف من الاسلاميين لكنني لم اتخلى يوما عن احترامي لوطنيته وصدقه وإخلاصه للمبادئ التي قادته سنوات طويلة للسجن والمضايقات والعزل الاجتماعي ناهيك عما تعرض له من عنصرية وتمييز بسبب ديانته اليهودية.
وداعا أيها الرجل الفاضل وكل تعازي الصادقة لأهله وذويه”.
و وفق نجله سليم، توفي اليوم السبت 26 ديسمبر 2020 الكاتب والناشط السياسي اليساري التونسي جلبار نقاش عن عمر ناهز ال81 عاماً بأحد المستشفيات بباريس بعد صراع طويل مع المرض.
ولد جيلبار نقاش عام 1939 في العاصمة التونسية، في أوج الحقبة الاستعمارية، وفي بداية نضج الحركة الوطنية. درس جيلبار في المعهد الوطني الفلاحي في باريس ثم عاد إلى تونس لتنطلق مباشرة مسيرته السياسية والأدبية معا.
بمجرد عودته انضم إلى “برسبكتيف العامل التونسي Perspectives ”, الذي تأسس في باريس سنة 1963، من طرف ثلّة من الطلبة التونسيين ينتمون إلى تيارات فكرية ماركسية وقومية متنوعة. كانت المجموعة نشأت في ظروف موسومة بالانغلاق السياسي الحاد خاصة بعد قرار حظر الحزب الشيوعي التونسي، وبعد تصاعد ملاحقة التيار اليوسفي (نسبة إلى الزعيم صالح بن يوسف الذي اغتيل في فرانكفورت صيف 1961).
و حكم عليه في 16 سبتمبر 1968 ب14 سنة سجنا لنشاطاته السياسية مع تجمع الدراسات والعمل الاشتراكي في تونس (يعرف بحركة آفاق)، وتعرض لشتى أنواع التعذيب، قبل أن يطلق سراحه بعد عشرة سنوات في 13 أوت 1979، وبقي تحت الإقامة الجبرية كما خضع للمراقبة الإدارية.
كان منفياً في فرنسا، وعاد لتونس بعد الثورة التونسية في 2011. استمع له كشاهد في أول جلسة استماع علنية نظمتها هيئة الحقيقة والكرامة في 16 نوفمبر 2016، وروى فيها ما تعرض له من تعذيب ومضايقات في عهد الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
و كان الفقيد ماركسيا، وذلك يعني بالنسبة إليه ولرفاقه أن يعادي الحركة الصهيونية مبدئيا، باعتبارها حركة استعمارية عنصرية، أما الانتماء الديني فهو شأن شخصي صرف.
لذلك لم يكن مستغربا مشاركة جيلبار (شأنه في ذلك شأن جورج عدة وسارج عدة وغيرهما من يهود تونس) في كل الفعاليات المنددة بالانتهاكات الصهيونية على مرّ العقود، ولا يستغرب ذلك إلا القاصر عن رسم الحدود بين الديانة والأيديولوجيا أو من يتقصّد فسخ الحدود لتلبيس الدين بالسياسة.
شارك رأيك