النائب عن التيار الديمقراطي يستعرض في هذه التدوينة أهم الأحداث التي عاشتها تونس خلال عام 2020 المنقضي والذي شهد سقوط حكومتين و تكوين حكومة ثالثة فيما تواصل توغل البلاد في أزمة شاملة سياسية واقتصادية واجتماعية زادث من حدتها الأزمة الصحية.
بقلم محمد عمار *
قبل قدوم 2020، كانت الانتخابات التشريعية و الرئاسية، ثم تكونت لجنة وقتية لدراسة قانون المالية 2020، كنّا نسارع الزمن للمصادقة على قانون المالية، و بالرغم من الهنات التي حملها، كنا نعلم أن الوضع الاقتصادي صعب جدا و تمت المصادقة على قانون المالية على مضض من قبل مجموعة من الكتل ( الكتلة الديمقراطية لم تصوت).
بدأ عام 2020 صعبًا على المستوى السياسي لتشرذم الكتل و كان لا بد أن تجتمع أربع أو خمس كتل مع عدد من المستقلين لتكوين حكومة… سقطت الحكومة الأولى، و مرت الحكومة الثانية برئاسة إلياس الفخفاخ يوم 28 فيفري 2020… مباشرةً بعد استلام مهامها ومن سوء حظها انتشر وباء كورونا سريعا…
أزمة الكورونا عرَّت المستور و قوت الحس التضامني
أغلق العالم أبوابه لأشهر، وأضحى الخلاص الفردي هو سيد الموقف، تونس لم يكن حالها أفضل، أغلقت حدودها وبقيت تصارع داخليا في أزمات متعددة اقتصادية واجتماعية وصحية… الملاذ الوحيد للمواطن هو البيت، تساوى الجميع في أزمة الكورونا… انتشر الحس التضامني المواطني و هبَّ الجميع للمساعدة… أزمة الكورونا عرَّت المستور، تم اكتشاف الوطن من جديد صحيا واجتماعيًا واقتصاديا.
شخصيًا، اكتشفت الجالية من جديد خاصة في افريقيا و آسيا و أميركا… لدينا جالية في كل أصقاع الدنيا وفي كل الدول، اكتشفت صبر النساء والرجال في الغربة… الكورونا كانت سببًا في اكتشاف حب تونس ورغبة الجميع في العودة اليها، و رغم قلة الإمكانيات و ضعف أسطول الناقل الجوي كان شعارنا “عودة التونسيين حق موش مزية”.
شخصيا، لم أغادر البرلمان… كنت ملازما للعمل رغم تطبيق الفصل 70 و حضور قلة من النواب، تابعت كل كبيرة وصغيرة في جميع الدول الأفريقية و الاسياوية و الأميركية وفي البواخر السياحية أينما كان مرساها، عملت على تحديث البيانات يوميا في لجنة الأزمات والخارجية والنقل والصحة و السياحة ومتابعة وضعية المبيتات الجامعية، في تواصل مع التونسيين والتونسيات والسفراء والقناصل والتحرك الميداني لمعاينة الفنادق والمطار، كانت لحظات رغم مرارتها وإحساس القادمين بالذعر والخوف من فيروس ممي، كنت سعيدا بالخدمة وبحل أي اشكالية…
الترويكا البرلمانية بإيعاز من المافيا تسقط حكومة الفخفاخ
خضنا معارك طويلة بالبرلمان في اللجان و الجلسات العامة ولا هدف لنا سوى عودة التونسيين سالمين سواء كان بالهرسلة اليومية او الترهيب والترغيب… مرت المرحلة الأولى بسلام… وكانت الحكومة وقتها تصارع الأزمة الاقتصادية و الصحية بعدد قليل من الموظفين وباجتماعات يلامس فيها الليل بالنهار، حكومة كانت متحررة من اللوبيات المتنفذة والمتحكمة في مفاصل الاقتصاد، لم يكبر أحد في عينها، الكل سواسية، جهزت خططها و مشاريعها وقوانينها وتطبيقاتها وبدأنا نلمس عملا على أرض الواقع وحكومة إلكترونية ستقطع مع الفساد، خرجت تونس من الأزمة تدريجيا وبدأت الحياة تعود من جديد، انطلقت الهيئات الرقابية في العمل يميناً ويسارا في أغلب القطاعات…
للأسف قررت الترويكا البرلمانية (النهضة – قلب تونس – ائتلاف الكرامة) بإيعاز من المافيا إسقاط الحكومة بعد ثلاثة اشهر فقط وتقرر ذلك يوم تقييم 100 يوم عمل حكومي، غير آبهين بوضع البلاد الاقتصاد والصحي… فقط لأن الحكومة لم تخضع للابتزاز و الترضيات … تم نهشها فيسبوكيا وتواصليا باستغلال قنوات خارجة عن القانون وصفحات مدفوعة الأجر داخليا وخارجيا حتى سقطت أخلاقيا وسياسيا. هذا لا يعني أن هذه الحكومة لم ترتكب أخطاء لكن ما يحسب لها أنها صاحبة إرادة حقيقية في تنفيذ القانون.
تراخت أجهزة الدولة بعدها والكل ينتظر الجديد حيث أن الموظف البسيط يرفض رد الهاتف على الوزير وهي قمة العبث.
جاءت الحكومة الجديدة المستقلة جدا، برئاسة هشام مشيشي، نتمنى لها التوفيق، فقط فرضوا عليها قانون مالية لعام 2021 يسمى قانون الباركينغ، يزيد الأغنياء ثراء و يقدم لهم الامتيازات، ويفقر بقية الشعب الفقير… من حيث الإنجازات…
مرت 100 يوما دون تقييم… سننتظر المائة الموالية لعل ربك يحدث أمرا.
ملاحظة : سأقدم نقدي للحكومة السابقة و لحزب التيار لاحقا و كذلك البرلمان.
* نائب التيار الديمقراطي – رئيس الكتلة الديمقراطية.
شارك رأيك