تونس اليوم هي الدولة العربية (عدا لبنان والعراق وسلطنة عمان لأسباب طائفية) الوحيدة القادرة على التخلص من الاسلاميين انتخابيا. أغلب البلدان العربية الأخرى، بما فيها مصر، يحافظ فيها الإسلاميون على حاضنة شعبية قوية وفي أول انتخابات سوف يكونون في المقدمة.
بقلم عادل اللطيفي *
طبعا لا ينكر أحد مدى الأزمة التي تعيشها تونس اليوم ومدى الخراب الذي لحق بالدولة وبالاقتصاد وبالأوضاع المعيشية للتونسيين والذي تتحمل فيه حركة النهضة القسط الأوفر من المسؤولية يليها مباشرة المرحوم الباجي قائد السبسي و”نداء” ابنه على وجه الخصوص.
لكن هذا لا يحجب عنا نقاطا إيجابية مهمة حصلت يبدو أن البعض نسيها ليحتكر لنفسه اليوم مقاومة الإسلاميين. هذه قناعاتي بعجالة أفسرها لاحقا إن لزم الأمر. فكرة المجلس التأسيسي أنقذت تونس من إمكانية ثورة إسلامية على الطريقة الإيرانية كانت سوف تدخل البلاد فعلا في غياهب النسيان. أية محاولة وقتها لمجرد إصلاحات كانت ستقدم الشارع على طبق من ذهب للنهضة وهي سنة 2011 القادرة على التهييج. لا تتناسوا وضع الشارع في ذلك الظرف. كما أن فكرة التأسيسي هي من تراث الدولة الوطنية.
تجربة التأسيسي كشفت للتونسيين كذب ونفاق الحركة الإسلامية
تجربة التأسيسي بالرغم من الخور الذي صاحبها هي التي كشفت للتونسيين كذب ونفاق الحركة الإسلامية ورغبتها في السيطرة على الدولة. كل ذلك هيأ لنجاح نداء تونس خائن العهدة.
منذ أكتوبر 2011 لم ينجح الإسلاميون في تمرير أي مشروع لأسلمة المجتمع بسبب صمود النخب والمجتمع المدني خاصة في 2012 و و2013. وتونس هي الدولة العربية الوحيدة التي كسبت مجتمعيا معركة الشريعة في الدستور…ولو لحين.
خسر الإسلاميون معركة احتكار تمثيلية الإسلام سواء مع المجتمع أو في مواجهة النخب وخاصة منها المتخصصة في الدراسات الإسلامية.
كسبنا معركة الحرية في مواجهة التوتاليتاارية الإسلاموبة وتحية هنا لقوى المجتمع المدني وعلى رأسها اتحاد الشغل ونقابة الصحفيين.
الضربة القاسمة لعلاقة النهضة بالشارع كانت جنازة شكري بلعيد. ذلك الحشد الجماهيري وضع حدا لسيطرة النهضة على الشارع وقلص من قدرتها على التعبئة.
المثابرة الجبارة لهيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي هي الوحيدة التي استطاعت إثبات تورط النهضة في الإغتيالات وفي العنف… عمل هذه الهيئة كان فعالا في كبح لجام النهضة وتعريتها أمام التونسيين.
التراجع المستمر لشعبية النهضة منذ 2011
كل هذا أدى إلى التراجع المستمر لشعبية النهضة كما تبينه أعداد الأصوات التي تحصلت عليها منذ أكتوبر 2011 لتبلغ اليوم فقط نسبة 18% من نوايا التصويت. في 2019 كانت النهضة منهكة لكنها كانت تواجه فراغا لا أكثر….
تونس اليوم ونتيجة هذه المسيرة أعتقد انها الدولة العربية (عدا لبنان والعراق وسلطنة عمان لأسباب طائفية) الوحيدة القادرة على التخلص من الاسلاميين انتخابيا. أغلب البلدان العربية الأخرى، بما فيها مصر، يحافظ فيها الإسلاميون على حاضنة شعبية قوية وفي أول انتخابات سوف يكونون في المقدمة.
لم تبدأ المعركة مع الإسلاميين لا في 2016 ولا في 2020، نحن فقط في المنعرج الأخير بعد إنهاكها شعبيا ومجتمعيا طوال السنوات العشر… شيء من الموضوعية إذن…
* جامعي و ناسط سياسي.
شارك رأيك