تعيش تونس اليوم على وقع احتجاجات شعبية طالت مختلف جهات البلاد في ظل وضع اقتصادي واجتماعي متردٍ وأزمة سياسية خانقة. حيث ترجمت هذه التحركات الحياد البيّن عن مسار الثورة التي قامت على مطالب الكرامة والتنمية والعدالة و التشغيل و محاربة الفساد.
لكنّ التجاذبات السياسية المتواصلة والصراعات الفئوية والحزبية الضيّقة التي عاشت على وقعها تونس منذ سنة 2011 بالإضافة إلى عجز الحكومات المتعاقبة عن محاربة الفساد وتوفير مناخ اقتصادي تنافسي عوض اقتصاد ريعي تتحكم فيه بعض العائلات النافذة اقتصاديا وسياسياً، كل هذه العوامل عطّلت مسار التغيير بل وأججت تأزّم الأوضاع. فلم تظفر هذه الفئات والجماهير الغاضبة إلا بحزمة من الوعود التي بقيت في مرحلة الدعاية السياسية و بمجموعة من الحقوق المدنية والسياسية التي بقيت في مُجملها حبيسة النص القانوني. و من جهة أخرى لاقتها الدولة بالتهميش والتفقير نتيجة فشل سياسات التنمية المنتهجة والتعامل السطحي مع مختلف الأزمات. و قد شهدنا في الأزمة الصحية الأخيرة تعاملا متراخيا زاد الأوضاع الصحية والإقتصادية والاجتماعية تأزما ،ترجمتها تحركات إحتجاجية غاضبة، قابلتها الدولة مرة أخرى بايقافات واعتقالات بالجملة في صفوف المحتجين.
وعليه :
– تُعبّر منظمة أنا يقظ عن دعمها المطلق للاحتجاجات في مختلف جهات البلاد وتؤكد على مشروعية هذه التحركات التي قامت تعبيراً عن خيبة أمل في تحقيق مطالبها، وجاءت نتيجة لسياسة قمعية انتهجتها الدولة خاصة في الفترة الأخيرة. حيث سبقت هذه الاحتجاجات إحتجاز أحباء النادي الافريقي وأعمال قمعية أخرى متفرقة. وتدين المنظمة أعمال العنف التي أقدمت عليها قوات الأمن والحرس الوطني و التي طالت الشباب والقصر و الطلبة و نشطاء في المجتمع المدني و الإيقافات العشوائية التي لن تؤدي إلا إلى تأجج الأوضاع وتعميق الأزمة الصحية في هذا الوضع الصحي الحرج؛
– تستنكر المنظمة انخراط النيابة العمومية في حملة الاعتقالات التي طالت العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي و الطلبة على إثر مساندتهم للتحركات الاحتجاجية و توجيه عديد التهم على إثرها، على غرار تكوين وفاق والاعتداء على الأخلاق الحميدة. كما تدعو المنظمة الجهات القضائية إلى فتح تحقيق في أعمال العنف التي أقدم عليها أعوان الأمن والحرس ومحاسبة المسؤولين عنها؛
– تدعو المنظمة السلطات إلى التدخل الفاعل وتجنب الانكباب في التجاذبات السياسية والصراعات الفئوية الضيقة. وتؤكد على ضرورة اعتماد مقاربة شمولية في التعاطي مع الاحتجاجات الحالية؛
– تستغرب المنظمة تعاطي رئيس الحكومة هشام المشيشي مع الأزمة خاصة بعد الخطاب الأخير الذي لاقى انتقادات واسعة من حيث الشكل و المضمون، حيث لم يرتق هذا الخطاب إلى المستوى المطلوب في التعاطي مع الأزمة الراهنة، و عدم اتخاذ قرارات لمجابهتها. فكان خطاباُ مبهمُا و مفرغاُ من أي محتوى.
و في الأخير تدعو منظمة أنا يقظ إلى النأي بهذه الاحتجاجات عن أعمال النهب و التخريب و تجنب الوقوع في دائرة العنف”.
شارك رأيك