السيد رئيس الجمهورية التونسية
السيد رئيس الحكومة
السيد رئيس مجلس نواب الشعب
نود من خلال هذه الرسالة لفت انظاركم الى قضية شغلت مؤخرا الصحف ووسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية واثارت اهتمام منظمات المجتمع المدني ومناصري حقوق الانسان دون أن تجد اي تفاعل من قبل السلط المركزية والمؤسسات المعنية بها. قضية برج الصالحي، القرية الصغيرة المطلة على البحر الابيض المتوسط والتابعة لمعتمدية الهوارية ولاية نابل، هي ليست قضية حديثة العهد ولم تنشأ بعد الثورة وإنما هي قديمة متجددة تمتد جذورها الى فترة النظام السابق، الفاعلون فيها هم ضحايا الاستبداد تعرضوا لمظلمة في سياق سياسي ظننا انه قد تغير مع ما اثمرته ثورة الحرية والكرامة من مكاسب دستورية وآليات قانونية تعزز مبادئ العدالة الانتقالية وسياساتها وممارساتها وتكرس قيم المساءلة والإنصاف وجبر الضرر واحترام حقوق الانسان ووقف الانتهاكات.
هؤلاء هم مواطنون تونسيون افتكت اراضيهم قسرا واجبروا على كرائها للشركة التونسية للكهرباء والغاز من أجل تركيز مراوح لإنتاج الطاقة الكهربائية بالرياح. تعرضوا حينها للضغط والترهيب ولم يقدروا على الصمود أمام جبروت السلطة ومن يمثلها في المنطقة حيث قدمت لهم الشركة وعودا بالتنمية والنهوض بوضعية القرية وتشغيل ابناءهم مقابل تخليهم عن اراضيهم بموجب عقود كراء بمبالغ لا ترتقي إلى القيمة الحقيقية للأرض ولا للحد الادنى من احترام كرامة الانسان وحقوقه ولا تستجيب لمبادئ العدل والمساواة.
السيد رئيس الجمهورية التونسية
السيد رئيس الحكومة
السيد رئيس مجلس نواب الشعب
- هل تعلمون ان من بين الاهالي من اجبر على كراء أرضه لمدة ثلاثين سنة بمبالغ تتراوح بين 225 دينار و550 دينار اقصاها 2940 دينار؟ ولكم ان تتطلعوا على العقود.
- هل تعلمون ان عددا من الاهالي حاملون لإعاقة سمعية مما شجع الشركة في تلك الفترة على تركيز محطات توليد الكهرباء على اراضيهم وبالقرب من مساكنهم في خرق واضح لحقوق الانسان ولمعايير السلامة ودون اعتبار مخلفات الضجيج الناجم عن تروبينات الرياح على صحة الاهالي وسلامتهم والحال أن حوادث سقوط المراوح قد تواترت في السنوات الأخيرة؟
- هل تعلمون ايضا ان شباب المنطقة اليوم لا يملكون اي مصدر للرزق عدا بعض مراكب الصيد رغم ثراء القرية بالطاقات الشبابية الحاملة لشهادات جامعية وأن الشركة التي وعدت بتشغيلهم اخلت بتعهداتها بل حتى بواجبها تجاه المنطقة وبمسؤوليتها التي يحددها قانون عدد 35 لسنة 2018 المتعلق بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات فلا مشاريع تنموية ولا بنية تحتية ولا اي مظهر من مظاهر الحياة الكريمة كما أن الضغط الضعيف للتيار الكهربائي في القرية لا يخول لهم إقامة مشاريع صغرى يسترزقون منها وعائلاتهم.
- هل تعلمون ايضا ان اهالي برج الصالحي قاموا بعديد التحركات الاحتجاجية السلمية وراسلوا مختلف الجهات المعنية كما زارهم عدد من نواب الجهة دون أن يحظى ملفهم بأي تجاوب من السلط المركزية حيث اقتصر تناول قضيتهم على المستويين المحلي والجهوي. كما أن جلسات التفاوض التي انعقدت سابقا كانت الشركة تتغيب عنها وتترفع عن التحاور معهم معتبرة ان ما يربطها بهم هي معاليم استهلاك الكهرباء فقط، متعاملة معهم كحالات اجتماعية متعمدة التغاضي عن مسألة العقود وحق الاهالي في جبر الضرر المادي والمعنوي وتمكينهم من مستحقاتهم.
اهالي برج الصالحي اليوم وبعد مسيرة نضالية بين تحركات احتجاجية ونداءات ومطالب وجلسات تفاوض واتفاقات لم تر النور، رافضون لمواصلة التفاوض على المستوى المحلي الجهوي نظرا لما افضت اليه الجلسات السابقة ويطالبون بتدخل السلطات المركزية موجهين نداءاتهم الى الرئاسات الثلاث لإنصافهم وايلاء ملفهم الأهمية التي يستحقها مذكرين هياكل الدولة ومؤسساتها والمجتمع المدني وكل من يؤمن بحقوق الانسان وبحقوق الاجيال القادمة بمبادئ التنمية المستدامة وباستحقاقات الثورة وعلوية الدستور ومبادئ العدالة الانتقالية.
ونحن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحيث نحيي في شهر جانفي الذكرى العاشرة لثورة الحرية والكرامة، رغم الهنات ورغم تعثر المسار وتتالي الازمات، الا اننا سعداء فخورون بمكاسبها متمسكون وماضون في احترام استحقاقاتها ولا نقبل ان تهان كرامة تونسي وان تنتهك حقوقه أو تنتزع ممتلكاته بيد مؤسسات الدولة وهياكلها التي يفترض ان تكون في خدمته وان ترعى حقوقه وحقوق الاجيال القادمة. وعليه فنحن نساند اهالي برج الصالحي في نضالاتهم ونعلن عن حملة مناصرة الى حين تمكينهم من حقوقهم.
هذا ونطالب بتكليف فريق حكومي ولجنة خبراء في الطاقات المتجددة للقيام بزيارة معاينة وتقييم لمدى تطابق المشروع مع المواصفات المعمول بها دوليا ووطنيا ومع شروط السلامة وما ورد في دراسة التأثير على المحيط .
كما نتوجه الى وزارة العدل والى رجال القانون والقضاء بالدعوة الى النظر في العقود التي تحصلت بموجبها الشركة التونسية للكهرباء والغاز على الاراضي وتقييمها والبت فيها بما يكفل حق جميع الاطراف.
ختاما اننا نهيب بكم وبمؤسسات الدولة ان تبذلوا مجهوداتكم وتصغوا الى مطالب اهالي برج الصالحي ومشاغلهم وان تفتحوا لهم ابواب الحوار والتفاوض لإنصافهم وتمكينهم من حقوقهم وفق ما جاء به الدستور والمعاهدات الدولية لحقوق الانسان ومبادئ التنمية المستدامة.
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
شارك رأيك