صدر أول أمس الأربعاء 26 جانفي 2021 بالرائد الرسمي أمر حكومي عدد 63 لسنة 2021 مؤرخ في 25 جانفي 2021، يتعلق بإقالة الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقة مع الهيئات الدستورية، و المجتمع المدني السيدة ثريا الجريبي، التي شغلت خطة وزيرة العدل في حكومة إلياس الفخفاخ…
بقلم توفيق زعفوري
بعيدا عن صلاحيات رئيس الحكومة وعن حقه القانوني في عزل و تنصيب من يراه صالحاً في الخطط الوظيفية العليا، فإنه قياسا للسيرة الذاتية للسيدة ثريا الجريبي و مهنيتها، و نظافة يديها فإن الإقالة تقرأ، في اتجاهين : الإتجاه الأول يخص المعنية بالإقالة السيدة ثريا الجريبي، كونها تعد إهانة لها و لكفاءتها و إخلالا بمبدأ التناصف في الوظائف العليا و لا علاقة لها بالتقييم الذي تكلم عنه رئيس الحكومة هشام مشيشي إذ هو يقرّب المقربين و يبعد المحسوبين على خصومه… ثم أننا لم نلاحظ ما يفيد تقاعس السيدة الجريبي في أداء مهامها، أو الإخلال بها… ناهيك أن السيد رئيس الحكومة لا يملك برنامجا واضحا حتى نقول أن المعنية بالإقالة أخلّت بمحتواه، وتخلّفت عن الأهداف المرسومة فيه.
المشيشي يستبعد كل شخص من دائرة الرئيس
الإتجاه الثاني، يهم رئيس الجمهورية قيس سعيج، و كأن المشيشي، يستبعد كل شخص من دائرة الرئيس سواء من قريب أو من بعيد، بعد إبعاد وزراء الثقافة والداخلية والفلاحة والعدل، في حركة تعقيم كامل للقصبة من أي علاقة بقرطاج، إذ يبقى كل من وزيري الدفاع و وزير الخارجية في القصبة بقوة الدستور، و لو لا ذلك لأقالهما هما أيضا في التحوير الأخير، وهو ما يتقاطع مع تصريح السيد أسامة الخليفي رئيس كتلة قلب تونس في البرلمان الذي يقول ان رئيس الحكومة هو الأقدرعلى رئاسة الحكومة أي الأقدر على حماية المسار الديمقراطي و حماية الدولة، وهي إشارة غير بريئة إلى من يعبثون بالدولة و بمسارها الديمقراطي من خصومه و أولهم الرئيس الذي كان الهدف الواضح و الصريح تحت قبة البرلمان من نواب ااكتل النيابية التي تسند الحكومة… محمد العفاس نموذجا…
تونس في أزمة سياسية غير مسبوقة
المشيشي يوسّع الفجوة بين مؤسسات الدولة (وهو الذي من واجبه أن يحرص على سلامة و ديمومة المؤسسات وترك الشعبوية كما يقول)، ويواصل سياسة عزل الرئيس في قرطاج معززا دعوات حزامه السياسي، و كأنه يستجيب لمبدأ تحييد و عزل الرئيس، وأولى خطوات التحيبد، هي مواصلة العمل بالوزراء الحاصلين على ثقة البرلمان حتى دون أداء اليمين، وهي واحدة من الخيارات أمام المشيشي، إن أصرّ الرئيس على عدم قبول أداء اليمين من وزراء تعلقت بهم شبهات تضارب مصالح…
واضح أننا في أزمة سياسية غير مسبوقة في ظل غياب المحكمة الدستورية، وأن ضيق هامش المناورة لدى السلطة التنفيذية يكشف عن ثغرات في دستور 2014 هي بمثابة مطبات ومولّدات أزمات، ثم إن المشيشي يحول وجهة معاركه من معركة مع الفقر و الحيف الاجتماعي و ضد الفساد و الفاسدين، وهي معارك اقتصادية بكل تفاصيلها، إلى معارك مع قرطاج و كأنه هكذا يريد أن يغطي على فشله في حلحلة الملفات العالقة خاصة منها الاجتماعية و الاقتصادية و الصحية، و الواضح انه بعيد جدا عن قرطاج، قريب جدا من مونبليزير، مقر حركة النهضة الاسلامية التي صار يأتمر بأوامرها، بعيدا عن شواغل التونسيين، قريبا جدا من دوائر المال و الأعمال، وهو خيار يتحمل فيه مسؤوليته أمام التونسيين و أمام التاريخ…
شارك رأيك