في ظل التساؤلات التي يطرحها الرأي العام حول رفض رئيس الجمهورية قيس سعيد قبول اداء اليمين الدستورية من عدمه لبعض الوزراء المقترحين من رئيس الحكومة هشام مشيشي و الذين نالوا ثقة البرلمان يوم الثلاثاء 26 جانفي الجاري (و عليهم مؤاخذات حول تضارب مصالح)، تضاربت آراء الحقوقيين.
القاضي عبد الرزاق بن خليفة، كاتب الدولة السابق، عبر من جهته عن رأيه في هذا الموضوع عبر صفحات التواصل الإجتماعي و كتب صباح اليوم ما يلي:
“قرأت لبعض أساتذة القانون الاداري المحترمين انه يجوز عبر تطبيق نظرية الشكليات المستحيلة théorie des formalités impossibles التي طبقتها المحكمة الإدارية وقبلها مجلس الدولة الفرنسي.
هذا الرأي ينطوي على تسرع واسقاط في تقديري لسببين:
اولا: نظرية الشكليات المستحيلة طبقت في القانون الاداري ولم تطبق في القانون الدستوري وتطبيقها على الحالة فيه إسقاط للمفهوم في غير مجاله حسب علمي المتواضع.
ثانا: مفهوم الشكلية المستحيلة لا يستوعب حالة رفض سلطة ما القيام باجراء هو من صلاحياتها قصد تعطيل إجراء آخر لأن الشكلية المستحيلة حالة “موضوعية” objective نشأت عن استحالة موضوعية مثل تنصيص المشرع على استشارة لجنة لم تحدث بعد أو هيكل لم ينتخب بعد أو تطبيقا لنص لم يصدر بعد.. وهي غير صورة الحال. فرئيس الجمهورية موجود و الإجراء ليس مستحيلا لكن قد لا يحترم بارادة ذاتية لا موضوعية…
ما الحل؟
هناك حلول كثيرة وليست جديدة سواء في تونس أو في الخارج.. وهي حلول طبقت في مجال القانون الدستوري وبالتالي غير مسقطة او منتحلة عن قانون آخر غير القانون الدستوري.
وهناك تقنيتنان حسب رأيي تخولان تجاوز شكلية أداء اليمين في حالة رفض الرئيس اجراءه:
1/ نظرية الظروف الاستثنائية وطبقها المجلس الدستوري الفرنسي منذ 1958 وآخرها وابرزها لما طبقها في موضوع قانون كوفيد 19 في قرار مؤرخ في 26 مارس 2020 لما اعتبر ان الظروف الاستثنائية الخاصة تبرر اصدار ذلك القانون ولو على خلاف مقتضيات الفصل 46 من الدستور الفرنسي..
2/ نظرية الإجراء غير الجوهري formalités non substantielles والتي طبقتها المحكمة الإدارية التونسية في النزاع الانتخابي (وهو نزاع دستوري بامتياز) وقبله في النزاع الاداري..كما طبقت مبدأ الإخلال غير المؤثر.. في النتائج الانتخابية…
و الإجراء غير الجوهري هو الذي لا يترتب عن عدم احترامه مخالفة للقانون..
وبالفعل أداء اليمين هو مجرد إجراء بروتوكولي..بامتياز وهو لم يشرع لاضفاء شرعية على منح الثقة بل لاعطاء التنصيب صبغة احتفالية و مزية فالحكومة لا تستمد شرعيتها منه إطلاقا بل من منحها الثقة من البرلمان…
و الأقرب حسب رأيي للتطبيق هو اعتماد نظرية الإجراء غير الجوهري لارتباط الظروف الاستثنائية بعناصر واقعية موضوعية يتعين اثباتها مثل حالة الحرب أو الفوضى فيما يمكن تطبيق مبدأ الإجراء غير الجوري حتى في الحالات العادية…
علما و أن إعلان الرئيس حالة الطوارئ ستسهل استبعاد اليمين في تنصيب الوزراء الجدد..!!! وكما يقول المثل ” بيدي لا بيد عمرو”
* عندما نقول إجراء غير جوهري لا يعني أنه علينا الاستغناء عنه… بل نعتبره كذلك إذا تعذر احترامه…لارادة خارجة عنا..”.
شارك رأيك