لهذه الاسباب، منظمة انا يقظ تدعو مساء اليوم الخميس 11 فيفري 2021 رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى إعفاء الهادي خيري من تقلد منصب وزير الصحة:
تؤكد منظمة “أنا يقظ” أن تعيين السيد هادي خيري جاء بإقتراح من صديقه المقرب رضا شرف الدين رئيس الكتلة الوطنية وصاحب شركة مخابر UNIMED لصناعة الأدوية وعضو المكتب التنفيذي لغرفة الأدوية بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة. هذا الإقتراح سبقه دعم من السيد العياشي زمال رئيس لجنة الصحة بالبرلمان عضو الكتلة الوطنية منذ شهر أكتوبر 2020 وصاحب مصنع أغذية ومخازن تبريد والذي لم يتوان عن شن حملات إعلامية للتشكيك في وزير الصحة الحالي فوزي مهدي منذ توليه رئاسة اللجنة في أكتوبر2020.
هذا وتحذر منظمة “أنا يقظ” من هذه العلاقة المفضوحة بين وزير الصحة المقترح وأحد أكبر مصنعي الأدوية في تونس من شأنها تغذية وضعية تضارب المصالح بين المال والسياسة في تونس خاصة إذا تعلق الأمر بالأشخاص السياسيين ممثلي المخاطر حسب ما عرفهم القانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال (من بينهم على سبيل الذكر رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والسياسيون من الدرجة العليا أو المنتخبون في إطار نيابة تشريعية أو محلية وكبار المسؤولين في السلطات العمومية والهيئات الدستورية والقضاة والعسكريون من الدرجة العليا ومديرو المؤسسات العمومية وكبار المسؤولين في الأحزاب السياسية). تخيلوا للحظة لو قام رئيس شركة SANOFI بتعيين وزير الصحة الفرنسي…
إن الدور المهم والحصري الذي يلعبه وزير الصحة في علاقة بمجال تصنيع الأدوية وعلاقة الصداقة الخاصة التي تجمعه برضا شرف الدين بالإضافة إلى العلاقة المهنية التي تجمعه بإحدى المصحات الخاصة المملوكة من عائلة حسين جنيح النائب في مجلس نواب الشعب عن كتلة “تحيا تونس” يدفعنا إلى التنبيه، مرة أخرى، إلى خطورة تعيين السيد الهادي خيري على رأس وزارة الصحة خاصة وأن البلاد تعيش اليوم على وقع أزمة صحية غير مسبوقة.
وتشير منظمة “أنا يقظ” في هذا الصدد إلى الضغوطات التي تمارسها الغرفة الوطنية لصناعة الأدوية التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة منذ فترة على وزارة الصحة من أجل التقليص في آجال منح تأشيرة بيع الأدوية في السوق لفائدة الشركات التونسية المصنعة بالرغم من تقليصها في سنة 2017 من 3 سنوات إلى سنة واحدة حسب ما أكدته مديرة الصيدلية والدواء إيناس فرادي. علماً وأن معدل آجال إسناد رخصة ترويج دواء في فرنسا يتجاوز 400 يوم، بينما تصل الآجال إلى 380 يوم و 363 يوم في بلجيكيا وإسبانيا على التوالي في حين يصل المعدل الأوروبي إلى 210 يوم.
و بعد قرار الدولة البدأ في القطع مع توريد الأدوية التي لها جنيس محلي يبحث لوبي الأدوية في اتجاه مراجعة الأسعار و استغلال قرار الدولة على حساب مقدرة المواطن والدفع بالهادي خيري صاحب العلاقات المذكورة في بداية التقرير مع مجمعات الأدوية هو بمثابة الزج بحصان طروادة داخل الوزارة لتحقيق أهدافهم ومصالحهم المالية الضيقة .
نضيف إلى ذلك مطالبة بعض أصحاب مصانع الأدوية الكبرى على غرار السيد لسعد بوجبل الرئيس التنفيذي لمخابر MEDIS وزارة الصحة برفع يدها عن المخبر الوطني لمراقبة الأدوية وبالتالي تحويله إلى مؤسسة “مستقلة “…بذاتها وهو ما يمثل تهديداً للسيادة الوطنية وسلامة المواطنين وأمنهم نظراً لما ستمثله هذه المبادرة من تشريع للفساد وتضارب المصالح خاصة في غياب قانون يجرم الرشوة في القطاع الخاص في تونس (بالرغم من نجاح هذه التجربة في أوروبا).
كما يأتي الضغط المسلط من قبل لوبي صناعة الأدوية في إطار سعيهم إلى تسهيل إجراءات منح رخص تصنيع لقاحات كوفيد-19 في تونس لصالح مخابر أجنبية دون التقيد ضرورة بالمسالك الإدارية العادية وذلك في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ونظراً لهذه الرهانات، وجب التذكير بالدور الحصري الذي يلعبه وزير الصحة في هذا المجال، فهو يقوم على سبيل المثال بـ:
الإشراف على وحدة الصيدلة والدواء وهي هيكل إداري وفنّي بوزارة الصحة العمومية يُعنَى بكافة الجوانب الإدارية المتعلقة بالصيدلة والدواء والأنشطة المشابهة لها، وهي وحدة متعاونة مع المنظمة العالمية للصحة في مجال تسجيل الأدوية والتشريع الصيدلي.
وتشرف وحدة الصيدلة والدواء على الهياكل التالية (على سبيل الذكر)
المجلس الوطني للدواء؛
اللجان المختصّة بدراسة الملفات المتعلقة بمطالب رخص الترويج بالسوق AMM؛
اللجنة الوطنية لمنح رخص استغلال مؤسسات صنع الأدوية المعدّة للاستعمال البشري؛
اللجنة الوطنية لمراقبة الإشهار بالنسبة للأدوية؛
اللجنة الفنية للأدوية والتلاقيح والأمصال؛
اللجنة الفنية للاختصاصات الصيدلية؛
المكتب الوطني للمخدّرات؛
التفقدية الصيدلية؛
وتجدر الإشارة إلى أن وزير الصحة هو الذي يعين أعضاء هذه اللجان أو يقترح أسمائهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
كما يلعب وزير الصحة دوراً رئيسياً في تحديد أسعار الأدوية المتحصلة على رخص الترويج بالسوق AMM بالإضافة إلى قبول أو رفض دواء أو عرضه على الاختبارات بعد الاستماع إلى آراء خبراء اللجنة الفنية للاختصاصات الصيدلية الذين يختارهم وزير الصحة نفسه.
كما يقوم وزير الصحة باقتراح المدير العام للمخبر الوطني للأدوية المسؤول عن مراقبة جودة الأدوية ومطابقتها للمواصفات عند التوريد والتسويق والتصدير بالإضافة إلى اختبار الأدوية المروجة بالسوق بطلب من المحاكم والهيئات العمومية.
نتيجة لذلك، تحذر منظمة “أنا يقظ” من مخاطر الفساد العالية في هذه الحالة، مع الأخذ بعين الاعتبار الموقع المؤثر للأشخاص السياسيين ممثلي المخاطر على غرار الثلاثي رضا شرف الدين / العياشي زمال / الهادي خيري.
ففي سياق تضع فيه الأزمة الصحية صناعة الأدوية في قلب التحديات في مكافحة جائحة كوفيد 19، نتفهم إصرار رضا شرف الدين بإيعاز من لوبي مصانع الأدوية على الرغبة في السيطرة على سلطة الإشراف في مسائل “الصيدلة والأدوية” من خلال تعيين حصان طروادة ، صديقه الدكتور الهادي خيري ، على رأس وزارة الصحة. ولكننا لا نتفهم صمت رئيس مجلس نواب الشعب على هذه الوضعية المريبة خاصة وأن الفصل 24 من القانون عدد 46 لسنة 2018 المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح ينص على “منع رئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه المشاركة في المداولة أو أخذ القرار أو التصويت، سواء في الجلسة العامة للمجلس أو في اللجان، بخصوص أي موضوع لهم فيه مصلحة شخصية مالية مباشرة”. علماً وأن السيد رضا شرف ألدين صوت لصالح منح الثقة للسيد الهادي خيري.
في الأخير، تجدد منظمة “أنا يقظ” مرة أخرى دعوتها رئيس الحكومة لإعفاء السيد هادي خيري من تقلد منصب وزير الصحة.
شارك رأيك