“تونس في : الرابع عشر من شهر رجب الأصم لسنة 42 بعد اربعمائة والف من هجرة الرسول الأكرم.
رسالة مفتوحة إلى فخامة رئيس الجمهورية التونسية المفدى.
السيد الرئيس،
وبعد التحية اللائقة بمقامكم الكريم، يشرفني ان أخُطّ بيميني، في هذا الشهر الحرام الذى تُصفد الشياطين فيه و ترجُمهم الملائكة -وهو شهر رجب الأصم الارجم -، رسالتي هذه المبثوثة لكم عبر الحمام الزاجل الالكتروني.
سيادة الرئيس :
لم ألتقيكم منذ مدة طويلة، بعد ان انقطعتم على السير بين الناس، لكثرة وخطورة ما تشغلون. وأعتقد ان واجبي نحو استاذ عرفته وانا طالب بكلية الحقوق بسوسة منذ سنة ثمان وثمانين بعد التسعمائة و ألف مما يعد أهل الكتاب، يدعُوني الى أن ألفِت انتباهكم الكريم الى مايلي :
أولا : أن الشاب الذي اعتبرته الأقدر بين شباب الحي لإدارة الحكومة، شب عن الطوق سريعا، و اشتدّ ساعده فرماكم في مقتل هذه المرة.
فبعد تلكؤكم في القِيام بواجبكم الدستوري، و تفطحلكم في تفسير فصوله وسبر أغواره، كما يفعل شُراح القانون المغرمون، مرّ معكم إلى درجة أعلى و أنهى جل بقاءٍ لوزراءَ يدينون بالولاء لكم فى حكومته. فماذا أنتم فاعلون ؟ ألم يكن من الأجدر أن تحتضنه و تُرجعه إليكم و تأخذ بيده، حتى لا يذهب ريح الحُكمِ في عهدكم ويتندّر به المُتندرون.
ثانيا : اليوم بات الشُغور على رأس الوزارات قائما وشُبهة عطالتها قوية، والوزراء المكلفون بإدارتها، على بابِك واقفون ولليمين مُنتظرون و لأمر تسميتهم متحمِّسون. ستقول الاعراب، و هم أشد كفرا كما تعلم – عافاك الله من لؤمهم وخبث لِسانهم – وقع فى شر اعماله، جادل حيث لا تجوز المجادلة، و نصحناه فيما انتصح، فهلك و أهلك. قبحهم الله.
و سيقول حكماء القوم على قِلّتهم وضعف حيلتهم والله أقام الفتى الحجة على سيده، ودفع عنه اللوم، فقد طال انتظاره وما ترك للود طريقا إلا سلكه وما بقى صاحب رأي إلا استشاره، فلا أحد دلّهُ على حلٍّ لعناد الشيخ. ماذا يفعل وقد دعاه الكل إلى مبارزته فجائه كارها لقتالهِ بعد تكاسلِ، لكنّه عجل له بها.
ثالثا : لقد اتيتنا برجل راهنّا عليه والبلاد، ودعوتنا لنصرته، وما تخلفنا عن أمرك،اعزك الله، ولكن سريعا ما قلبت له ظهر المجن، ولم نعرف للخلاف سببا، وقد قِيل أنّك كرِهت بطانته، وأهل حلِّه وعقده. ان كان ذلك فان الخطأ ايضا مما يحمل عليك يا سيادة الرئيس .وقد قيل أيضا انك وخاصتك لا تتركوا امرا الا وافتيتم فيه ،وخالفتم بذلك حكمة القدامى : أرسل حكيما ولا توصه .
رابعا : الان وقد وقع الفاس بالراس، فلا يزين لك شياطين الانس الباطل ، ويدعونك الى مبارزة اخرى ،لا حاجة لاحد بها .
لا تنصع لهم. واجلس معه وخذ بيده فانكما الى بعضكما اقرب ،ولن ينفعك شناؤنك شيئا فالسياسة تدبير وعبرتها كالحياة بواختمها ، ولن يكتب التاريخ عنك التفاصيل بل سيذكرك منجزاتك. واعلم ان حزامك ليس افضل من حزامه او امتن بعد ان انتسب الى قبيلة تجيد فنون الخديعة والسعى بين الاخوة والاقارب ،فلا تترك لهم سبيلا واعدم حجتهم واطفئ جمرتهم .
فالحروب التى لا تخضوها تربحها .
خامسا وختاما اننى والله من الناصحين ولشخصك لست من الكارهين ،والصبر على الاذية والاستعداد لدفعها افضل من “العنتريات التى ما قتلت ذبابة” .
فاصبر وجالد ولا تتبع هوى الشيطان. انه كان للانسان عدوا مبينا”.
شارك رأيك