يعاني قطاع المياه في تونس من أزمة هيكلية حقيقية ناجمة عن فشل السياسات والخيارات التي تم اتباعها في مجال الماء من طرف السلطة منذ أكثر من 60 عاما، ساهمت مجلة 1975 ونصوصها التطبيقية في تعميقها، من خلال اعتبار الماء سلعة معدة للاستغلال فقط، والغياب الكلي للتصورات الاستراتيجية والتمسك بالطرق والآليات التقليدية في تعبئة الموارد المائية وطرق التصرف فيها واستعمالها. كل ذلك عمق من معاناة المواطن التونسي وحرمانه من حقه الدستوري في الماء الذي أقره الفصل 44 من الدستور.
وبعد المصادقة على مشروع مجلة المياه الجديد من طرف الحكومة سنة 2019، وارساله الى مجلس نواب الشعب للمصادقة عليه. ونظرا لما تضمنه مشروع المجلة الجديد من مضامين لا تتطابق والمتطلبات الحقيقية للشعب من موارده المائية كثروة وطنية، اضافة الى تعدد الاشارات المفضوحة لخصخصة الملك العمومي للمياه تحت مسميات عديدة تطبيقا لتوصيات الجهات المانحة الأجنبية.
أمام غياب الإطار التشاركي في تحديد الرؤية والتصور الأمثل في التصرف في الموارد المائية وخاصة المعدة للشرب، فإنه بات من الضروري ان يتحمل المجتمع المدني بكل مكوناته مسؤوليته التاريخية في حماية موارد الشعب من خلال تحوله الى قوة اقتراح، والدخول ضمن دائرة الفعل والمشاركة في بناء تصور جديد لقطاع المياه يقوم على الجانب الاجتماعي باعتباره من ضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وامام ما تمثله الموارد المائية من اهمية اجتماعية وتنموية من ناحية، وثروة حقيقية لتحقيق سيادتنا الغذائية وبالتالي سيادتنا الوطنية والاستقلال الفعلي لقرارنا السياسي من ناحية اخرى، فإننا نحن الممضين/ـــات أسفله من منظمات و جمعيات وشخصيات وطنية و مواطنين نطالب نواب مجلس الشعب :
بإدخال تنقيحات على مشروع مجلة المياه قبل المصادقة عليها كما يلي:
- التنصيص على القيمة الاجتماعية للموارد المائية باعتبارها حقّا أساسيّا واجب النفاذ، لا سلعة تباع وتشترى
- التنصيص على مجانية الكمّية الحياتية لمياه الشرب.
- إحداث شركة وطنية لتوزيع المياه بالوسط الريفي تدمج فيها كل المجامع المائية للشرب
- التنصيص على وجوب توفير خدمة التطهير بالوسط الريفي كحقّ وجب ضمانه دون تمييز
- التخلي عن عبارة “في حدود الإمكانيات المتاحة” الواردة بالفصل 3 من مشروع المجلة وذلك لما يحتويه من تقليص لدور الدولة المتمثل وجوبا في توفير المياه اللازمة للشرب
- إعادة البتّ في صلاحيات الوزير المكلف بالمياه والذي استأثر بمعظمها في تناقض صريح مع ما تم ذكره في هذه المجلة من مبادئ كالتشاركية واللامركزية
- مراجعة الفصول الدّاعية إلى التفريط في الملك العمومي للمياه والتنصيص على دور مجلس نواب الشعب إلتزاما بما جاء به الفصل 13 من الدّستور
- إحداث وكالة وطنية لمياه الرّي تدمج فيها كل المجامع المائية للرّي
- استثناء التوزيع والاستغلال والتصرف في قطاع المياه الصالحة للشرب من عقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وتعديل كل الفصول الدّاعية صراحة إلى خصخصة خدمات مياه الشرب
- اعتماد خارطة وطنية للإنتاج الفلاحي في تزويد المناطق السقوية العمومية والمناطق المجهزة من قبل الدولة وتحديد الأولويات في إطار منوال تنمية بديل من أجل تحقيق السيادة الغذائية
- وجوب اعتماد البصمة المائية في الاستراتيجيات الوطنية للتصرف في الموارد المائية
تحيين عديد الفصول لضمان تطبيق مبدأ العهدة على الملوث
شارك رأيك