دخلنا سنة 2021 والأمور كما هي ودار لقمان على حالها وليست هناك مبادرات جدية للتغيير على عدة مستويات… بل على عكس ذلك احتدت الأزمة السياسية بالبلاد التونسية وآخرها الصراع القائم بين قرطاج والقصبة حول النفوذ والصلاحيات مما أثر على المسار الاقتصادي والجانب الاجتماعي. فإلى حد اليوم لم تف الحكومة بوعودها تجاه المعطلين عن العمل ولم تبادر بتطبيق القانون عدد 38 الخاص بمن طالت بطالتهم 10 سنوات فأكثر.
بقلم أنور بن حسين *
بالإضافة إلى ذلك لم يقع وضع خارطة طريق لامتصاص البطالة وإيجاد حلول لأهم إشكاليات القطاع ودراسة سوق الشغل ولا سيما حاملي الشهادات العليا الذين وصل عددهم غلى ما يقارب 221000 عاطل عن العمل.
تواصل الاحتجاجات والاحتقان الاجتماعي :
تجاهل الدولة لمتطلبات المرحلة وعدم قدرتها على تفكيك الواقع واحتواء الاحتجاجات المتتالية يساهم في تزايد الاحتقان الاجتماعي الذي سيتحول إلى المطالبة بإسقاط الحكومة إذا تواصلت الأزمة وواصلت الحكومة الانكماش على نفسها دون الانفتاح على المشاكل العالقة والإسراع بحلها وتقديم برامج عملية وشفافة بعيدا عن التسويف والوعود الزائفة التي لم تعد قادرة على ترويض البطون الخاوية التي أصبحت على علم بما يدور في دواليب الطبقة الحاكمة.
هذا التجاهل المتواصل جعل أصحاب الشهادات العليا والذين يشملهم قانون عدد 38 مواصلة الاحتجاجات نظرا لسياسة اللامبالاة التي أحبطت آمال هذه الفئة وجعلتها تفقد الثقة في الطبقة السياسية. وستنظم التنسيقيات احتجاجا في الأيام المقبلة من شهر فيفري الجاري بالقصبة إذا لم تحصل مبادرات جدية من طرف الحكومة للمطالبة بتفعيل القانون ووضع منصة رقمية يتم من خلالها مراقبة الانتدابات في كامل الشفافية وبكل مصداقية. كما احتج الكثير الذين يهمهم الانتداب الاستثنائي على الشروط المجحفة التي يضعونها للانتداب مثل مسألة التغطية الاجتماعية بصناديق الضمان الاجتماعي وأصحاب رخص المشاريع الصغرى ذات المردودية المحدودة. وفيما يخص هذا الموضوع يجب إيجاد معادلة عادلة والابتعاد عن التعميم من خلال وضع شروط تكون أكثر واقعية منها:
– عدم إقصاء من لهم تغطية اجتماعية ضعيفة ودخلهم لا يتجاوز بكثير الحد الأدنى للدخل الفردي.
– ضرورة التحري في أصحاب رخص المشاريع “الباتيندا” لأن هناك مشاريع ذات مدخول ضعيف.
– اعتماد آلية البحث الاجتماعي لإنصاف المعطلين ووضع برنامج مفصل وواضح فهناك أصحاب مشاريع صغرى ذات مداخيل متواضعة ولا تلبي طموح المتخرجين من التعليم العالي كما أن هناك من بحوزتهم عقارات باهظة ومنها العقارات التجارية.
مبادرة برلمانية لتنقيح الفصل عدد 38:
وظهرت فئة عمرية أخرى أصبحت تطالب في حقها بالتشغيل الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و50 سنة ومنهم من يعاني من وضعيات اجتماعية قاسية في ظل غياب عمل يحفظ الكرامة ويلبي متطلبات أسرة من مشرب وأكل وتعليم وصحة مع العلم أن هناك منهم من لا يتمتع حتى بمجرد التغطية الاجتماعية نظرا للشروط المعقدة للحصول على دفتر العلاج الأبيض أو الأصفر. وتقدم النائب فيصل الطاهري رئيس لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي بمبادرة قصد تنقيح القانون عدد 38 وذلك لعدم حرمان من تجاوز سنهم ال 40 سنة من الانتفاع بالقانون المذكور.
من جهة أخرى تطالب الفئة المناضلة والمنطوين تحت لواء التنسيقيات بأن يكون لهم أولوية نظرا للسبق النضالي و المجهود الذي يقومون به ويخافون أن يركب الأحداث من لم يساهم في أي نشاط من أنشطة التنسيقيات التي تقوم بالضغط الاجتماعي من أجل كسب رهان التشغيل عن استحقاق وأوضح بعضهم أن هناك متنفذين ومن لهم علاقات يطمحون إلى فك ما يمكن من مواقع التشغيل في الوظيفة العمومية. لذلك هم يطالبون بمنصة رقمية يمكن لأي طالب شغل معني بالقانون أن يتابع مسار التعيينات.
كل هذه المسائل والتخمينات تتطلب من المسؤولين وضع النقاط على الحروف للخروج بالبلاد من الأزمات الخانقة التي يمكن أن تؤدي إلى انهيار النظام السياسي في غياب الوعي بمتطلبات الطبقات الضعيفة.
* كاتب وناشط مدني.
شارك رأيك