صاحب مقولة “إذا لم نجد طريق النجاح فعلينا أن نبتكره” هو أشهر قائد عسكري في تاريخ البشرية و لنا أن ندرك عظمة الرجل و بصمته الراسخة في تاريخ تونس و لن تكون معرفة إسمه إلا أمرا هينا على كافة أهل تونس. إنه حنبعل برقه الذي عاش من 247 ق.م إلى 182 ق.م.
بقلم الدكتور خالد الجلاصي *
كان لأثرالقائد العسكري حنبعل في ما يعرف في فنون الحرب من التكتيك عدة أمور كان آخر تجسيد لها عبر التاريخ المعاصر حملة عاصفة الصحراء التي كانت المرحلة الثانية من حرب شنتها أكثر من ثلاثين دولة لتحرير الكويت سنة 1991 قال عنها نورمان شوارزكوف أحد جنرالات الولايات المتحده الأمريكية و قائد قوات التحالف الدولي آنذاك أنها مستمدة من خطط و أفكار و تكتيكات حنبعل الحربية.
* * لكن هل يعلم أحفاد حنبعل من أهل تونس أهمية المقولة التي نحن بصدد تفسيرها من خلال تجربة حنبعل نفسه. فهو الذي حرك جيوشا في معارك هامة خارج موطنه أشهرها معركة كاناي التي كانت واحدة من المعارك الرئيسية في الحرب البونيقية الثانية، التي جرت يوم 2 أغسطس عام 216 ق.م بالقرب من بلدة كاناي في جنوب شرق إيطاليا، حيث استطاع الجيش القرطاجي تحت قيادة حنبعل تحقيق نصر حاسم بهزيمته الجيش الروماني تحت قيادة لوسيوس أميليوس باولوس وجايوس ترينتيوس فارو.
يعتبر التكتيك الذي استخدمه حنبعل في المعركة واحدًا من أعظم التكتيكات العسكرية في التاريخ العسكري. لكن ما الذي يجعل قائدا فذاك”هانيبال” ليرى في أهل تونس الآن من هو بمثل قوته و قدرته على التجميع و توحيد الصف إزاء أنواع أخرى من التحديات في بدايات القرن الواحد و العشرين كالحروب الإقتصادية الممنهجة و التفاوت في اكتساب القدرات الصناعية و العلمية التي تمنح نوعا من الإستقلالية و التقدم…
* * ما الذي يجعل الركود الإقتصادي و الأزمات السياسية الخبز اليومي لشعب تونس الذي ما عاد له في سياسة البلاد إلا صورة مهتزة على مؤسسات الدولة التي تم تفكيكها و تقزيم القائمين عليها هل الحال هو نفسه مع حنبعل و مع أميلكار من قبله ؟
على ما يبدو أن التاريخ يعيد نفسه ففي زمان حنبعل كان من الساسة من تعلق بفخامة المنصب و عظمة الجاه ساعيا وراء مآرب دون أن يفقه أهمية لما أتاه و هذا ما نراه الآن و نلقاه و على ما يبدو أن حنبعل عانى أيضا من الغواصات أو الجواسيس المتنفذين و الانتهازيين في مجالس قرطاج مما صعب عليه بلوغ منتهى عظمة خطته العسكرية باحتلال “روما” بعد عدة مراحل وصفت بالإنتحارية من كافة المؤرخين عبر كل الأزمنة المتلاحقة. لكن على ما يبدو أن التفاؤل و إستشراف مستقبل أفضل يجعلنا طامعين في ورود “حنبعل” جديد ليعلمنا ابتكار طرق النجاح.
* طبيب وكاتب.
شارك رأيك