من خلال المسيرة التي تنمها اليوم السبت 27 فيفري 2021 بتونس العاصمة حركة النهضة الإسلامية تسعيى إلى تجديد طاقتها و ضخ دماء جديدة في شعبيتها المتآكلة المهترئة… التظاهر اليوم غرضه استعراض لقوة البقاء في طليعة سبر الآراء، خاصة بعد ما وقع إزاحة الإسلاميين بفارق هام ضد الدساترة العائدين بقوة في في نوايا التصويت في التشريعيات، ب 21.9 ٪ للدستوري مقابل 18.2٪ للنهضة، إذن هي فرصة للنهضة بإثبات قوة التحشيد حتى باستخدام مؤسسات الدولة ذاتها كالشركة الوطنية للسكك الحديدية مثلا…
بقلم توفيق زعفوري *
في العادة يدعو إلى الاحتجاج، و إلى التظاهر و تنظيم المسيرات، أحزاب المعارضة كونها خارج السلطة، فهي ترى ما لا يراه من هو في كرسي الحكم، و الجمعيات بأنواعها، و النقابات بتفرعاتها كونها تدافع على مصالح منظوريها، و التنسيقيات، و الموظفون و المواطنون، و قد رأينا في تونس آلاف التحركات فقط في شهر جانفي المنقضي، ولازالت…
مناكفة الرئيس قيس سعيد و إظهار قدرة حركة النهضة على التحشيد
أما أن يصر من هم في السلطة على التظاهر و تنظيم مسيرات ضخمة (اليوم السبت 27 فيفري 2021 بالعاصمة تونس) تدعو لها قيادات الصف الأول و رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي الذي هو في نفس الوقت رئيس مجلس نواب الشعب في شخصه و الناطق الرسمي باسم الحركة التي تمثل الحزام السياسي لحكومة هشام مشيشي، فهذه من سوابق التظاهر : من هم في الحكم يتظاهرون ضد منظومة الحكم! الحكومة ضد الحكومة!
الأصل في التظاهر و تنظيم المسيرة هو التالي :نحن مع الاستقرار الحكومي، و مع الشرعية ، شرعية حكومة معلقة و ذات شبهة تضارب مصالح و فساد و و الأصل هم مع شرعية البرلمان و ديمومة البرلمان و ليس ديمومة الحكومة و استقرارها، الغرض هو مناكفة الرئيس قيس سعيد، و إظهار قدرتهم على التعبئة و التجييش و التجنيد و التحشيد، و أن الجموع التي يرونها كبيرة و كثيرة هي ضد حل البرلمان، فقد كان من دعا إلى حل البرلمان في زيارة الرئيس سعيد لشارع الحبيب بورقيبة آخر مرة، و المسيرة هي رد فعل أو إجابة للرئيس على إمكانية اللجوء إلى حل البرلمان، و هذا ما جاء على لسان عبد الكريم الهاروني، و بالتالي فإن النزول إلى الشارع غرضه حماية البرلمان و النظام البرلماني و حماية رئاسة البرلمان وليس الحكومة و الاستقرار السياسي كما يتظاهرون!
محاولة ضخ دماء جديدة في شعبية حركة إسلامية متآكلة مهترئة
ظاهر التظاهر هو الحق فيه، و ضامنه الدستور، والشارع ليس حكرا على أحد، و باطنه تجديد طاقة الحركة و ضخ دماء جديدة، في شعبيتها المتآكلة المهترئة، بعد كل استحقاق… التظاهر غرضه، استعراض لقوة البقاء في طليعة سبر الآراء، خاصة بعد ما وقع إزاحتهم بفارق هام ضد الحزب الدستوري الحر في نوايا التصويت في التشريعيات، ب 21.9 ٪ للدستوري مقابل 18.2٪ للنهضة، إذن هي فرصة لتقويض هذه النتائج و تدعيم مركزها في قمة الاستحقاقات القادمة بإعادة تدوير القاعدة الإنتخابية و قوة التحشيد حتى باستخدام مؤسسات الدولة ذاتها كالشركة الوطنية للسكك الحديدية مثلا…
التظاهر أخطأ أهدافه و توجهاته، كان التونسيون و لا يزالون يتظاهرون ضد منظومة الحكم منذ عشر سنوات، يتظاهرون ضد نسبة البطالة التي ارتفعت بشكل قياسي يقارب ال 18٪ و تصنيف تونس السيادي الذي ازداد سوء بسبب الخيارات الإقتصادية الخاطئة و عدم الاستقرار الحكومي، يتظاهرون ضد الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية و الصحية…
تمسك الإسلاميين بالسلطة بالرغم من فشلهم الواضح على جميع الصعد
كان التظاهر و الإحتجاج دائما و لا زال ضد من هم في السلطة و المفروض أنهم قادرون على تحريك المياه الراكدة، احتجاج على فشل السلطة و الحكومات المتعاقبة و احتجاج على الإصرار المتواصل على التمسك بالسلطة بالرغم من الفشل الواضح على جميع الصعد، و تنامي الفساد في جميع مفاصل الدولة…
الجبهة الشعبية دعت من جهتها إلى التظاهر في نفس اليوم و نفس الشارع مع نفس التوقيت ما يوحي بالصدام أولا مع الأمنيين، ثم الصدام بين مشروعين، اليمين و اليسار و ما بينهما تنفجر تونس و يتهددها الإضطراب الأمني، ما تحسسه بعض قيادات النهضة التي رأت في الخروج إلى الشارع هو انتحار و أبدوا عدم رغبتهم في الإنظمام إلى المسيرة، إضافة إلى انسحاب الحليف الأول للنهضة (الإئتلاف) من المشاركة فيها.
من يصرون على التظاهر باسم الشرعية و تحت راية الاستقرار الحكومي هم صقور النهضة و من يدفعون باتجاه تأبيد الأوضاع الراهنة ضغطا على الرئيس في فصل آخر من فصول الصراع مع قيس سعيد…
* محلل سياسي.
شارك رأيك