حتى لا يكون علي الكعلي نسخة من نسيم شمامة وزير الباي في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر الذي ساهم في إفلاس البلاد التونسية و تداينها المفرط للخارج و هيأ بذلك إلى فقدان سيادتها و إعطائها لقمة سائغة للحماية الفرنسية…
بقلم المعز الحاج منصور *
إنه وزير الاقتصاد و المالية ودعم الاستثمار… انظروا الى وجهه… طيب… وديع… هادئ… رقيق… أنيق… ابن عائلة عريقة… يتكلم لغة البورجوازية المحلية…
إنه وزير على رأس 3 وزارات… كيف؟ نسأل : من استجلب الكعلي من القطاع الخاص إلى منصب وزير… من دعمه وزكاه؟ ماذا يراد منه… وماذا يراد به؟ كيف نفسر تضحية علي الكعلي بأجره الشهري الخيالي في القطاع البنكي الخاص… وقبوله بمبلغ 4000د فقط كأجر شهري لوزير في حكومة المشيشي؟ هل قدم إلى الوزارة مضحيا بمصالحه من أجل الوطن… أم مدافعا عن مصالح لوبيات تريد ضمان مصالحها؟
كم يصعب إقناع الناس بحب الوطن في زمن الانهيار الاخلاقي… وكم يصعب إقناعهم بتضحيات شخصيات شبيهة بعلي الكعلي.. دفاعا عن شعب مطحون يبيعونه في مزادات النخاسة السياسية…
لوبيات المال والأعمال وراء اختيار وزير المالية
البعض يتهم لوبيات مالية وسياسية أجنبية فاعلة ومؤثرة بأنها قد خططت ونفذت اختيار شخصية من القطاع الخاص للإشراف على أهم وزارة وهي المالية… وذلك من أجل استكمال مشروع تدمير الاستقلال المالي للدولة التونسية… يكفي ان نتقصى قليلا… أين كان يعمل علي الكعلي؟ إنه المدير العام السابق للمؤسسة العربية المصرفية Arab Bank Corporation فرع تونس… وهو بنك إماراتي. إنها رائحة اللوبي الإماراتي في المجال العربي… وحين دخل الكعلي أبواب الوزارة تراخى الرجل عن قصد في تعيين مديرين عاميين لعدة مؤسسات و بنوك عمومية كبرى… STB … BNA… وذلك تحضيرا للتفويت فيها… هذا ما يقال في الكواليس…
في الأثناء تورط علي الكعلي في محاولة تفليس بنك BTK او البنك الكويتي التونسي. وهو بنك تساهم فيه الدولة التونسية من المال العام… أي تلك البنوك ذات المساهمات العمومية… وقد حاول الشريك الفرنسي في بنك BTK تخريبه وبيع مقره المركزي… لكن تدخل هيئة مكافحة الفساد واتحاد الشغل منع إعلان تفليس البنك… وتم سريعا بيعه إلى مجمع اللومي في صفقة سرية… وفي عملية مضاربة وسمسرة تورط فيها محافظ البنك المركزي ووزير المالية…
لم تقف أدوار وزير المالية عند ذلك الحد… فقد تورط علي الكعلي في المصادقة على زيادة غير قانونية مخالفة للقوانين والتراتيب لقطاع القضاة بشكل جزافي… رغم معارضة إطارات وزارة المالية لإجراءات الزيادة في أجور قطاع من الوظيفة العمومية بطريقة تمييزية…
يتبجح في اجتماعاته في الوزارة بأنه مختص في بيع البنوك
مؤخرا وفي تاريخ 26 فيفري قام علي الكعلي بإقالة 3 من المديرين العامين بالوزارة… استجابة لضغوط من الأحزاب الحاكمة… وذلك من أجل تعيين أشحاص موالين لتلك الأحزاب في مفاصل الوزارة… وتم اختيار المسؤولين المعارضين لسياسات علي الكعلي وصناديق النهب الدولية… تلك التي تسعى لوضع يدها على المالية العمومية… وضرب سيادة الدولة واستقلالها.
وقد تورط الرجل في التستر عن ملف الديون المتفحمة لدى البنوك العمومية وهي ديون تقارب 25 ألف مليون دينار… ثم عارض الرد علي طلب نفاذ إلى المعلومة وجهه إليه مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة في الغرض.
ما نخشاه اليوم هو أن يكون علي الكعلي أنموذجا سيئا لنسيم شمامة وزير الباي للمالية ذاك الذي عينه قنصل فرنسا بتونس في منصب قيم على خزينة الإيالة التونسية … ثم شارك هو مع الفرنسيين في تخريب الاستقرار المالي للدولة… وانتهى لاجئا بفرنسا…
قد يكون علي الكعلي اخر حلقة في مشروع الخوصصة والتفويت وبيع أملاك الشعب التونسي، قبل إعلان طوفان الإفلاس… خاصة وأن الكعلي يتبجح في اجتماعاته في الوزارة بأنه مختص في بيع البنوك وأنه قد شارك في بيع 50 بنكا في العالم. رحم الله الوطن…
* عضو مرصد الشفافية والحوكمة وشبكة الكدونين الأحرار.
شارك رأيك