لقياس نشاطاتنا وتقييمها كثيرا ما نلجأ إلى وضع مؤشرات ذات معنى يمكن من خلالها المتابعة والتقييم والمراجعة والمساءلة، والابتعاد عن الأسلوب الإنشائي. و هذا ينطبق على كل الميادين و الأنشطة البشرية و حتى السياسية منها أوالمتعلقة بسير المؤسسات و أدائها.
بقلم منجي مرزوق *
لضمان فعالية المؤشرات الرئيسية ونجاعتها عدّة شروط يجب أن تتوفّر فيها وهي تحديد النشاط الذي نريد تقييمه، وضع مؤشرات يمكن قياسها بشفافية وموضوعية، وينبغي أن تكون هذه المؤشرات كاملة في تغطية النشاط، اختيار مؤشرات مناسبة وموضوعية وفي صميم النشاط، تمكّن من المقارنة وإثارة الأفكار، وضع منهجية لقياس المؤشرات والتأكّد من توفر البيانات الموثوقة لقياسها، تكريس إستقلالية عالية بين مجموعة المؤشرات الأساسية.
اعتماد مؤشرات قليلة واضحة وموضوعية وسهلة القياس
قد لا تتوفر كل الشروط أعلاه، مما يتطلّب أحيانا تنسيبا أو تكميلا عادة ما يكون من عمل المختصين والخبراء. الأمثلة عديدة، أذكر منها: التنمية (المستدامة): مؤشر التنمية البشرية… الاقتصاد: إجمالي الناتج المحلي… الرقمنة والاقتصاد الرقمي: مؤشر النفاذ إلى الانترنت،… الطاقة : الكثافة الطاقية، نسبة الطاقات المتجددة في المزيج الطاقي…
في السياسة والحكم، وَضع واعتماد مؤشرات قليلة واضحة وموضوعية وسهلة القياس تساعد على ترشيد الحوار والتقييم والمساءلة. من خلالها نوفِّر الإجابة على العديد من الاسئلة : وزن الاحزاب الانتخابي، من في الحكم، من يَحكم، مدى مسؤوليته ونجاحه في مهمته؟
كيف نحكم على أداء و نجاعة السلط السياسية الثلاثة ؟
كتبتُ منذ أيّام مقالًا على «من في الحُكم السياسي» منذ الثورة، بنيته على أربعة مؤشرات موزّعة على السلط السياسية الثلاثة : رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، ومجلس نواب الشعب (رئاسته والحزب الذي جاء الأوَّل في الانتخابات). لم أتطرّق إلى تفاصيل كل سلطة، لأنّها حسب رأيي ثانوية. ففي السلط التنفيذية الرئيس له كل الصلاحيات وله القرار الاخير. وفي المجلس اكتفيت في كل دورة انتخابية بالحزب الذي جاء الأوّل في الانتخابات ورئيس المجلس لدورهما في توجيه وانجاح المجلس. قد يتطلب مؤشر من يحكم في المجلس تحسينا. بالنسبة للحكومة اقتصرت على رئيس الحكومة لأنّ له كل الصلاحيات والقرار، قد يستشير الوزراء لكنّ رأيهم غير ملزم، فهو من يقيل الوزراء ويعيّن في كل الوظائف السامية. إضافة إلى ذلك فإنّ الوزارات ليس لها نفس الوزن، الدخول في تفاصيلها و المدّة التي قضاها كل وزير ووزن كل وزارة يعقّد الموضوع وفائدته ضعيفة.
هذه المؤشرات قد لا تكفي لنجيب على السؤال “من يَحكم” فذلك أوسع وأكثر تعقيدا، ويتطلب قياس دور سلط أخرى غير سياسية ومجموعات ضغط ومصادر داخلية وخارجية، ولو أنّ المسؤول الأول والأخير وصاحب القرار هو من في الحكم.
* وزير سابق.
شارك رأيك