بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يحتفل به اليوم الإثنين 8 مارس 2021 المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أصدر بيانا صحفيا يدافع فيه عن حقوق النساء في مواجهة التحديات البيئية و حقوق المهاجرات مهضومات الحقوق. و في ما يلي نص البيان…
تحتفل تونس اليوم كسائر بلدان العالم باليوم العالمي للمرأة. وقد ارتأى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن يسلط الضوء على البعض مما تتكبده النساء في مواجهة التحديات والمخاطر البيئية ومن أجل عيش كريم خارج أوطانهم . وحيث يرمز هذا اليوم في جميع دول العالم إلى رسم مستقبل مشرق للنساء ضحايا الفقر والعنف والتهميش، والسعي من أجل تغيير وضعهن نحو واقع يخلو من كل مظاهر التمييز.
إلى خالتي شهلة من قرية الرويعي بمرتفعات عين دراهم ومنجية من أرياف القيروان، والى كل ضحايا العطش في تونس، تحية إجلال. كيف لا و الكيلومترات التي يقطعنها يوميا لم تكن لتثنيهن عن جلب الماء من الأودية والعيون أو من الحنفيات العمومية التي اكتفت بها الدولة كحل لمشكلة الربط بالماء الصالح للشراب في الأرياف. هؤلاء هن عماد أسرهن والعاملات في الفلاحة وجلب الحطب بالإضافة الى الاشغال المنزلية. الى العديد من بناتهن اللاتي ارتأت العائلة قطعهن عن الدراسة عوضا عن الأولاد لمساعدة الأم في كل ما تقوم به، قبلة على جبين طفولة معطشة ومنهكة من أجل قطرة ماء وبعض من الدفء بالحطب.
إلى “عائدة” أصيلة منطقة الرحمة من ولاية نابل، التي لم ترحمها بيئة قريتها الملوثة جراء المصب المنتصب منذ سنوات والمتسبب في إصابتها بمرض السرطان الذي تعيش معه معاناة يومية بسبب الانتهاك البيئي الحاصل في منطقتها وإهمال الحكومات المتعاقبة هذا الملف الحساس الذي حرمها من حقها في العيش في بيئة سليمة وآمنة.
إلى روحي آمال ويسرى الزهرتين العشرينيتين، اللتين اغتالتهما يد التلوث بالقرب من مصب القنة بعقارب من ولاية صفاقس. توفيت آمال إثر إصابتها بمرض جرثومي تسلل إلى جسمها جراء ما يسببه المصب المتواجد في المكان من تلوث بيئي بالجهة أودى أيضا بحياة سارة وهي تستعد للاحتفال بزفافها بعد قرصة بعوضة سامة. ويواصل مصب عقارب انتهاكه للبيئة و للمحمية الطبيعية بالقنة التي يتواجد معها في نفس المكان رغم صدور قرار بلدي وحكم قضائي باغلاقه.
إلى “ماريا” و “اوديل” … إلى المهاجرات واللاجئات وطالبات اللجوء في تونس ضحايا السياسات المقيدة لحرية التنقل والمناضلات بحثا عن الكرامة وتحقيق أحلامهن… ضحايا الاستغلال في المنازل وحجز الوثائق ضحايا الشقاء بساعات عمل لا تنتهي، ضحايا قوانين لا تعترف بهن في تونس … ضحايا عنف القوانين والمجتمع والمؤسسات… أنتن وصمة فشل لسياسات دولة منغلقة على حدودها، تتبجح بالديمقراطية والانفتاح.
تنظم إلى خالتي شهلة ومنجية و”ماريا” و “أوديل” وآمال وسارة، نساء وفتيات أخريات ممن يعانين يوميا انتهاكات متعددة من المجتمع والقوانين والمؤسسات وانتهاكات من المنوال الاقتصادي وويلات العطش و التلوث بالنفايات والمواد الكيميائية والغازات السامة التي تبثها المناطق الصناعية والمشاريع التي لا تحترم أدنى شروط السلامة البيئية ولا تراعي حق الإنسان في الصحة والعيش الكريم. وتواصل الدولة التنصل من التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان والمرأة على وجه الخصوص.
وفي ظل تواصل ما تتعرض له النساء من انتهاك لأبسط حقوقهن الحياتية رغم وقوفهن في الصفوف الأمامية للنضال ضد شتى انواع العنف والاستغلال، حان الوقت كي نتصدى بكل وضوح ومسؤولية وجرأة إلى العنف القائم بالأساس على النوع الاجتماعي والضغط من أجل منوال اقتصادي واجتماعي وبيئي بديل يضع سياسات شاملة تضمن المشاركة الكاملة للنساء وتمتعهن فعليا بجميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحريات الأساسية.
شارك رأيك