انطلقت فعاليات إحياء مرور مائة سنة عن بعث أول نواة شيوعية بالبلاد التونسية (1921-2021) بتنظيم ورشتين جهويتين في كل من جندوبة و منزل بورقيبة.
بقلم صفاء باكير وعمارة الداودي (صور سوسن النيغاوي).
انطلقت يوم الجمعة 5 مارس 2021 بجندوبة تظاهرات إحياء ذكرى مئوية النشاط الشيوعي بالبلاد التونسية لتتواصل في اليوم الموالي السبت 6 مارس في مدينة منزل بورقيبة، وهي ورشات جهوية تمهد للتظاهرة الوطنية التي ستحتضنها مدينة الثقافة بتونس العاصمة في الفترة الممتدة من 23 الى 26 مارس.
ضربة البداية كانت في المعهد العالي للعلوم الانسانية تحت اشراف السيد هشام السبيعي رئيس جامعة وذلك بعد كلمةالأستاذ محمد الناصر الصديقي الذي رحب فيها بالحضور من الطالبة والباحثين والأساتذة مؤكدا اعتزاز المعهد الذي يتولى إدارته بالتعاون القائم منذ مع مخبر التراث بكلية الآداب بمنوبة والذي تجلى تخصيص يوم دراسي حول تاريخ اليسار في مدينة جندوبة ستكون أعماله مهداة الى روح محمد النافع المناضل الشيوعي والوطني ابن عاصمة الشمال الغربي.
وفعلا كانت مسيرة محمد النافع (1917- 2007) محل دراسة في خمس ورقات تناولت الأدوار الوطنية المتعددة التي تقمصها في قيادة الحزب الشيوعي في مرحلة النضال ضد الاستعمار الفرنسي و في فترة تركيز الدولة الوطنية المستقلة وما تعرض له من تضييقات و إيقافات طالته إلى جانب العديد من قادة الحزب الشيوعي وقد قدم هذه الورقات الأساتذة والباحثين خميس العرفاوي والطاهر الرحوي وحبيب القزدغلي وكريمة المعروفي وحلمي الغزواني كما تناول عدد من الأساتذة والباحثين الاخرين مراد الضويوي وعبد القادر البحروني وفاتن بوشرارة ومحمد الهادي مراغمة جوانب أخرى من النضال سواء للحزب الشيوعي أو لشعراء انخرطوا لفترة في صفوفه مثل الشاعر عبد الكافي أو شخصيات أصيلة المدينة مثل المحامية لوزيز حنون التي تميزت مسيرتها بالمشاركة في مقاومة الاحتلال الألماني للبلاد التونسية سنتي 1942 و1943، كما استمتع الحضور بشهادة المناضل يوسف الخميرى الذي عرض شهادته على دور مجموعة الوطنين الديمقراطيين في النضال الاجتماعي بالجهة.
وقد توج اليوم بهدية رمزية تقدم بها باسم مكونات المعهد من أساتذة وموظفين وطلبة قدمها كل من الأستاذ محمد الناصر الصديقي المدير الحالي للمعهد ورضا بن رجب المدير السابق والأستاذة نرجس السعيدي إلى الأستاذ حبيب القزدغلي عبروا من خلالها عن عرفانهم لما قدمه العميد السابق لكلية منوبة “من اسهامات علمية لفائدة الجامعة التونسية”.
أما اليوم الدراسي الثاني الذي احتضنته مدينة منزل بورقيبة كامل يوم السبت 6 مارس فقد تم بدعوة من عدد من الجمعيات المدنية والثقافية ( نادي السينما – جمعية المواطنة وقاعة سينما المتروبول) فكان بدوره يوما مميزا عبر من خلاله مواطنو المدينة وجمعياتها عن تقديرهم رمزية الحدث واعتزازهم بانطلاق النشاط الشيوعي في مدينتهم يوم 27 مارس 1921 معتبرين الحدث جزءا من ذاكرتهم الجماعية.
ابتدأ النشاط في قاعة سينما المتربول بحضور عدد من المثقفين والشخصيات المحلية الذين حضروا من مدن بنزرت و راس الجبل وماطر يتقدمهم كل من السيد صلاح الدين الجباري رئيس بلدية منزل بورقيبة والسيد جلال الدين بالرحيمة رئيس بلدية راس الجبل وقد تابع الحضور عرض شريط سينمائي نادر أنتج سنة 1951 تحت عنوان “الأرض التونسية”. يؤرخ الشريط لفترة حالكة من تاريخ البلاد ويتحدث عن دور الحركة النقابية التي كان يقودها المناضل الشيوعي والوطني حسن السعداوي (1899-1963) و مساعيها لتغيير الأوضاع التي يعاني منها الشعب التونسي من خلال زرع فكرة المقاومة في صفوفه و حثه على الوعي بقضاياه و حثه على افتكاك حقوقه من المستعمر الفرنسي عبر المطالبة بالاستقلال الوطني.
وخلال فترة الاستراحة قام المشاركون بزيارة أحواض إصلاح السفن بالترسخانة أمنها باقتدار الصديق ميناس الزويري. أما خلال الفترة المسائية التي احتضنها مقهي القفصي فقد تم تقديم النقاش عبر مداخلتين عن الحركة النسوية القريبة من الحزب الشيوعي أمنتهما الباحثتان فاتن بوشرارة وسناء الاهي اللتان قامتا بالتركيز على مسيرات كل ناديا وديانا قاليكو و بياتريس سلامة وجوليات بسيس وقلاديس عدة و فاطمة الجلولي و شريفة السعداوي في إشارة الى الدور المحوري للمرأة في تطور النشاط اليساري في تونس.
أما المداخلة الثالثة والتي أمنها السيد محمد صالح فليس فقد تناول فيها مرحلة التضييقات التي عرفها النشاط الشيوعي بعد الاستقلال من خلال استعراض مسيرة الأستاذ محمد الكراي وما عاشه من مضايقات أثناء فترة التدريس التي قضاها ببنزرت إثر منع الحزب الشيوعي سنة 1963. وقد عقب هذه المداخلات القيمة فتح باب النقاش و إثراء اللقاء بطرح أسئلة عقبتها توضيحات من المتدخلين.
بداية مشجعة ومشرفة لإحياء مرور مائة سنة من النشاط الشيوعي بالبلاد التونسية وقد تجلى ذلك من خلال النقاشات الثرية والمتعددة التي جرت في كل من جندوبة ومنزل بورقيبة مع التذكير أنه تم الحرص على احترام الظرفية الصحية الصعبة التي تمر بها بلادنا والتي حتمت على المتابعين الأخذ بعين الاعتبار البروتوكول الصحي واحترامه وكل الأمل أن يحرص الجميع على نجاح المواعيد القادمة المبرمجة في نفس اطار احياء مئوية النشاط الشيوعي الذي يتم ببادرة من مخبر التراث بكلية منوبة ومكتب التعاون الآكاديمي لمؤسسة روزا لوكسمبورغ والتي ستكون محطتها القادمة بمدينة الثقافة بتونس العاصمة من 23 الى 26 ماس القادم.
مخبر التراث بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة.
شارك رأيك