الدورة 19 للمهرجان الدولي “24 ساعة مسرح” تنتظم بمدينة الكاف من 22 اٍلى 27 مارس 2021 و لكن بالالتزام بالبروتوكول الصحي الواجب لمواجهة وباء الكورونا.
تأتي هذه الدّورة في ظروف استثنائيّة بامتياز حيث تعرف بلادنا كما سائر بلدان العالم انتشار فيروس كورونا ولمّا كان الحجر الدائم يقضي على الفيروس وعلى حياتنا في نفس الوقت فإنّه لا مهرب من ضرورة التّأقلم معه لاستمرار الحياة وإرساء ثقافة التعايش مع الوباء لمحاصرته وهي ثقافة تشترط الالتزام بقواعد الصحّة في الغرض من جهة والوعي بضرورة تواصل جميع أشكال الحياة على خلاف الصيغ الروتينيّة المألوفة بما فيها تواصل العمل الثقافي كعنصر هام وخطير على المستويين الاجتماعي والنّفسي.
وإيمانا بما سلف ذكره يأمل منظمو مهرجان “24 ساعة مسرح” أن تكون دورة استثنائيّة من حيث قيمة المادّة الفنيّة المقترحة رغم الغياب اللّافت للعروض وللمختصّين الأجانب وتوقّف العروض ليلا نتيجة التراتيب الصحيّة.
يبلغ المهرجان هذه السّنة دورته التّاسعة عشر وهو تاريخ حافل بالإبداع والفن الرّاقي والهادف وهو يواجه ذاته حينا ويوجّه واقعه حينا آخر فارضا نفسه كأحد أهمّ المناسبات الوطنيّة التي تحتفي بالمسرح أداة للتعبير وفضاء للإمتاع والإبداع وفرصة للّقاء والتواصل.
وككلّ سنة ينتظم المهرجان احتفالا باليوم العالمي للمسرح، متفرّدا في الشّكل وثريّا ومتنوّعا في المضمون من خلال برمجة عروض فنّية متنوّعة تتراوح بين المسرح و الموسيقى والرقص والشعر والمعارض والنّدوات والورشات والتجلّيات والفنون التشكيليّة… محاولا الانفتاح على محيط المؤسّسة وعلى فئات اجتماعيّة مختلفة عبر توزيع فقرات التّظاهرة على فضاءات متعدّدة منها المركز، مواقع أثريّة، شوارع المدينة، بعض الأحياء الشعبيّة، السّاحات العموميّة و الفضاءات الثّقافية الخاصّة مع محاولة التوجّه إلى فئات محرومة من النشاط الثّقافي كفاقدي السند، السجناء المسنّين، تلاميذ المدارس الحدوديّة وذوي الإعاقة تكريسا لثقافة القرب والحق في الثّقافة…
ودعما لانفتاح المهرجان تسعى الدّورة 19 إلى تشبيك العلاقات مع المؤسّسات المسرحيّة العموميّة والمستقلّة كالمسرح الوطني، بعض مراكز الفنون الدراميّة والركحيّة، المركز الدولي للفنون المعاصرة بالقصرين، المركز الثّقافي الدولي يوغرطة وغيره من مؤسسات الإنتاج المسرحي… وهي شراكة تهدف إلى خلق ظواهر ثقافيّة مساهمة ومساعدة للتعريف بأكثر ما يمكن من التجارب المسرحيّة وإتاحة الفرصة سواء للجمهور لمواكبة عروض مختلفة أو للمختصّين لاستكشاف آخر التقنيّات والمهارات الفنيّة المعتمدة في هذا المجال.
ونظرا لأهميّة النّدوات الفكريّة ذات الصّلة والمختصّة في إثراء ونقد الفعل المسرحي وتنشيطه وزيادة تأثيره، فإن المنظمين يولون الجانب النّظري الحظوة التي يستحقّها لما يطرحه من تجادل للأفكار عبر النّقاش والتحليل والنقد المفضي الى استشراف أفق مغايرة للإضافة و التطوير، وفي هذا الاطار يتنزّل تنظيم ندوة فكريّة يؤثّثها مجموعة من النّقاد والمسرحيّين يدور محتواها حول موضوع راهن: “المسرح و تكنولوجيا المعلومات”.
وضمن نفس التوجّه ولارتباط الفنّ الرابع الوثيق بالتحوّلات الاجتماعية ودوره الأصيل في التّنوير والتّحديث والدفاع عن قيم الحريّة والتعدّديّة الفكريّة والانفتاح والانتصار لذات الإنسان ولحقوقه وكشف المستور والبحث عن الحقيقة في خفايا السّياسة والمجتمع ؛ تنظّم بمناسبة هذه الدّورة مائدة مستديرة بعنوان : “في الثقافة و السّياسة : الآن وقبل الآن”.
ومواصلة للنّهج التكويني الذي دأب عليه مركز الفنون الدراميّة و الركحيّة بالكاف من خلال مختبراته التي تستقطب شباب الجهة (هوّاة كانوا أو طلبة ومحترفون) سيكون للجانب التطبيقي حضورا نوعيّا عبر برمجة تربّص تكوينيّ يشرف عليه الفنّان الفاضل الجعايبي يتمحور حول : “الممثّل وقرينه” وكذلك ورشة في “الدّراماتورجيا” يؤطّرها الأستاذ رضا بوقديدة. كما تنتظم بالمناسبة ورشات تدريبيّة موجّهة للسّجناء وذوي الإعاقة تفعيلا لدور المسرح في الإدماج والعلاج …
من جهة اخرى وتماشيا مع الخيار الهادف إلى تكريم فنّانين بمناسبة كلّ دورة اعترافا بالمنجز المسرحي والثّقافي الذي قدّموه في سبيل إعلاء مكانة المسرح وتأكيد حضوره يتنزّل تكريم هذه السّنة لبعض المسرحييّن الإستثنائيّين…
ختاما و بهدف إضفاء النّجاعة من حيث حصول المتعة والإفادة للجمهور أو المشاركين في المهرجان فإنه سيقع استباق يومي 26 و27 مارس بأربعة أيّام كاملة تتاح فيها الفرصة والمجال للورشات التكوينيّة، للنّدوات الفكريّة والفعاليّات التنشيطيّة الخارجيّة مع بعض العروض المسرحيّة.
شارك رأيك