لعل أحد عناصر قوة حزب التيار الديمقراطي أن منصب الأمين العام ليس هو منصب الحاكم بأمره والمرشد الأعلى الذي ينصب محكمة الطرد الحزبي لكل من يخالفه… وقد مارس هذا الحزب مبدأ التداول على مناصبه التنفيذية، كما عرف استقالة أمينين عامين: محمد عبو وغازي الشواشي… واليوم يستقيل غازي الشواشي على خلفية خلاف حاد داخل التيار بين خطين: خط أقلي يريد الحوار مع حركة النهضة وتجاوز الخلاف المفصلي في ما يتعلق بالفساد وإسقاط حكومة الفخفاخ، وخط أغلبي يريد القطيعة المطلقة مع حركة النهضة رفضا للحوار تحت سقف التحالف مع الفاسدين…
بقلم د. عبيد خليفي *
لطالما تباكى غازي الشواشي على مكتبه للمحاماة الذي يدر عليه كثيرا من المال، والتضحية به من أجل العمل السياسي، لكنه يعتقد أن التضحية تقتضي منصبا وزاريا لفترة طويلة، وأن التضحية لا تكون في المعارضة بل في مناصب الحكم مهما كانت توافقات هذا الحكم بالتخلي عن مبادئ مقاومة الفساد وعدم التحالف معه والتمكين في الدولة…
حين رأت الأقلية وعلى رأسها غازي الشواشي أن محمد عبو تسبب في فشل المسار التياري، لم يلجأ محمد عبو لمحاربة هذه الأقلية وطردها لتفجير حزب بناه، بل خيّر الانسحاب بهدوء، وترك الأقلية تسيّر الحزب تحت ضغط الأغلبية التي تصدت لطموحات الشواشي الشخصية… وربما تكون استقالة هذا الأخير تهديدا لإرغام الأغلبية على السير معه في رؤاه وقد يتراجع عنها بحثا عن موقع جديد…
ولعل فرحة النهضاويين بهذه الاستقالة تبرز إلى أي حد صارت توجهات الأغلبية التيارية تزعج حركة النهضة، ولطالما راهنت النهضة على تفجير خصومها من الداخل بالمغريات والتقاطعات، بل إن مجرد التحالف معها يعني اندثار الحزب وبقاء الجماعة بحثا عن حليف جديد، ربما يكون في حزب عبير موسي والله أعلم…
* أستاذ جامعي مؤلف كتاب “صورة عمر بن أبي طالب في المخيال العربي”.
شارك رأيك