الإستقلال، و ما أثاره من جدل، بعد أكثر من 60 سنة عن رحيل المستعمر الفرنسي عن البلاد التونسية، أو الحماية كما سماها قيس سعيد في ترذيل و إهانة واضحين لمن ضحّوا بأرواحهم و أعراضهم و أرزاقهم من أجل لحظة لم يسعفهم الحظ جميعا للتمتع بها… هذا الاستقلال ما زال يثير الجدل بعد 65 سنة من ميلاد الدولة الوطنية…
بقلم توفيق زعفوري
الرئيس قيس سعيد يذهب أبعد من تفضيل عبارة الحماية على عبارة الاستعمار، إنه لا يعترف بالاستقلال أصلاً، لم نرى على امتداد تاريخ تونس خطأ سياسيا و تاريخيا أفدح من عدم مشاركة رئيس الجمهورية التونسيين احتفالهم، و لو رمزيا، بعيدهم الوطني، يوم 20 مارس، لقد احتفلت به كندا على طريقها، احتفلوا هناك، و هنا ندابة و نواحة…
الرئيس احتفل بعيد الاستقلال مسبقا، بأن زار سجن المرناقية، و متّع أكثر من 1500 سجين بالعفو و الحط من العقاب لآخرين مقابل الحطّ من قيمة باقي التونسيين… متّعهم بالعفو بمناسبة عيد الاستقلال الذي لا يعترف به أصلا! و لم يحتفل به أيضا العام الماضي، و لا بعيد الجمهورية، و لا حتى بعيد الثورة، ألا يعترف بها أيضا، ما الفرق إذن بينه و بين الاسلاميين بكل أطيافهم الذين لا يعترفون بالدولة الوطنية؟ من أي طينة هو و من أي كوكب يأتي؟ هل يتقاسم مع رئيس كوريا الشمالية كيم جون أون بعضا من صفاته؟ هل يحق له أن يفعل ذلك، يتساءل بعض السياسيين؟ و الجواب ببساطة لا… هل المهم في نظره هو عيد الشجرة!؟
إذا نحن سلمنا بوجاهة رأي الرئيس و مواقفه غير المتوقعة و الطوباوية أحيانا من بعض الأمور، فما هو بديله، و ما هو برنامجه، و ما موقفه لحد الآن من دعوات الحوار الوطني، و من بعض الحلول التي اقتُرحت للخروج من الأزمة الخانقة التي تتخبط فيها البلاد؟ دائما لا شيء، و صمت القبور في قرطاج يعمّق الأزمة في كل البلاد، بلاد اجتمع علينا فيها ثلاثة: مجنون و معتوه و عنيد، كل واحد منهم يأخذنا في إتجاه مجهول…
في صفحة رئاسة الحكومة، تجد ما يحفظ ماء وجه تونس و ما يثلج الصدر على الأقل، في زيارة رئيس الحكومة هشام مشيشي إلى ضريح الحبيب بورقيبة، أحد صانعي الاستقلال و الدولة الوطنية، في المنستير، و في بعض الصفحات الحزبية الأخرى تجد احتفالية ملحمية، و كأنهم يتحدثون عن انتصارات إسكندر المقدوني، و في صفحة حركة النهضة ندوة عن الاستقلال يؤثثها رئيس الحركة، راشد الغنوشي، الي رفض في عام 2000 أن يترحم على روح الحبيب بورقيبة في تدخل صدم به معظم التونسيين، و كلٌّ يغني على ليلاه، لا شيء يجمع بين هؤلاء سوى وطن مزّقوه بالفرقة و الغربة حتى أضحى جسدا أهون من بيت العنكبوت. فبربكم من أنتم؟ في انتظار المخلّص…
شارك رأيك