افتتحت مساء الثلاثاء 30 مارس 2021 بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة فعاليات الدورة 20 من مهرجان الأغنية التونسية، وذلك بحضور وزير الشؤون الثقافية بالنيابة الحبيب عمار وعدد من الإطارات والمديرين العامين بالوزارة، إلى جانب والي تونس الشاذلي بوعلاڨ وعدد من أعضاء الحكومة ونواب مجلس الشعب والسّفراء المعتمدين بتونس وثلّة من أهل الثقافة والفن والإبداع.
وخصّصت السهرة لتكريم الراحلة صليحة وبمشاركة كل من الفنانة الكبيرة سلاف والنجم العربي صابر الرباعي والشاعر القدير الحبيب المحنوش.
وفيما يلي كلمة وزير الشؤون الثقافية بالنيابة التي ألقاها بالمناسبة معلنا من خلالها عن انطلاق فعاليات الدورة 20 من مهرجان الأغنية التونسية التي تتواصل الى حدود يوم 3 أفريل 2021.
“السيد رئيس الحكومة
السيدات والسادة أعضاء الحكومة،
أصحاب السعادة السفراء،
السيدات والسادة أعضاء مجلس نواب الشعب،
السيد والي تونس،
السيدة رئيسة بلدية تونس،
السيدات والسادة أهل والثقافة والفن والإبداع والإعلام،
السيدات والسادة الحضور الكرام.
يسعدني أن أكون بينكم اليوم في رحاب مدينة الثقافة الشاذلي القليبي، لنفتتح على بركة الله الدورة العشرين لمهرجان الأغنية التونسية،
هذه التظاهرة الثقافية الفنية العريقة التي تعود بعد انقطاع منذ سنة 2008.
وإنّ في عَوْدَة هذه التظاهرة ضَرْبٌ من التّحدّي والصّمود يعكسان إرادة صادقة لإعادة بريق الأغنية التونسية كلمةً ولحْنا وغناء، خاصّة أن هذه الدورة تأتي في ظرف بالغ الصّعوبة ألقى بوطأته على جميع القطاعات ومختلف مجالات الحياة الإنسانية بما في ذلك النشاط الثقافي والفني، نعني جائحة كوفيد 19 وتبعات انتشارها في العالم كلّه.
سيداتي.. سادتي،
إن الفعل الثقافي والمهرجانات والتظاهرات الفنية الكبرى تُعَدّ آليّة فعّالة وذات جدوى تنعكس على الفنّ المُحْتفى به، تعريفا وإبداعا وتطويرا ودراسة، وهو الحال مع الأغنية والموسيقى التونسية في هذه التظاهرة.
ومن أجل ذلك، كان القرار بعودة الأنشطة الثقافية عامة وعودة مهرجان الأغنية التونسية على وجه الخصوص، نابعا من قناعة لدينا راسخة بأهمية الكلمة والموسيقى فنّا يرتقي بالأفراد والجماعات في فكرها وذائقتها وتصوّراتها الجماليّة للكون وللحياة،
فنّا معبّرا عن المشاعر والعواطف البشرية النبيلة، مؤرخا لتاريخ الشعوب ومخلّدا لمآثرها ومترجما لخصوصياتها وأحلامها ووجدانها، مُشكّلا للذاكرة الجمعيّة التي تتوارثها الأجيال، مُعَبّدا طريق الحاضر والمستقبل.
إنّ التاريخ العريق للأغنية التونسية يجعلنا نفْخرُ بما تأسّس عبر مسيرة حافلة أثّثها عمالقةٌ وقاماتٌ خلّدَتْ أسماءَها بأعمال مُمَيّزة سواء في مجال التأليف الموسيقي والتلحين أو الطرب والغناء، على غرار خميّس ترنان، أحمد الوافي، محمد التريكي، صالح المهدي، الشاذلي أنور، علي الرياحي، الطاهر غرسة، محمد الجموسي، الهادي الجويني، صليحة، عُلَيّة، نعمة، وجيل ممّن حمل عنهم المشعل بامتياز وسَطعَنجمه ومازال في سماء الأغنية التونسية والعربية.
كلُّ ذلك، يُحَتّمُ علينا إقامة مهرجان يُبْنى على ما سبق ليصُوغ تصورات واستراتيجيات وأهدافا غايتها تطوير الأغنية التونسية إبداعا وانتاجا وترويجا.
وإنّ هذه التظاهرة فضلا عن الجانب الاحتفالي وكونها مُناسبةً للإبداع والمسابقات والتنافس النزيه والخلّاق، تُؤسّس لتقاليد جديدة لجعلها مناسبة لتعميق البحث والتفكير في سبل النهوض بالأغنية التونسية من خلال إقامة ورشات وندوات ومختبرات بحث، والإفادة من الموسيقيين والمهنيين والخبراء والفاعلين الثقافين، للوقوف على الإشكاليات والعراقيل التي تعترض هذا القطاع واقتراح الحلول العملية والعلمية الممكنة، وهو ما انتهجته وزارة الشؤون الثقافية والهيئة المديرة انطلاقا من هذه الدورة على أن يتدعّم خلال قادم الدورات.
فلا يكون المهرجان مؤسّسَةَ احتفال ظرفيّ مُناسَبتيّ بالأغنية التونسية فحسب، بل مُنْتجا للمعرفة في مختلف تجليّاتها الخاصة بالموسيقى إبداعا واتصالا وتفاعلا مع مختلف التعبيرات الفنية المُسْتجدّةِ.
إنّ الثقافة والفكر والفن والإبداع، لهي عنوان تقدم الشعوب وحيويّتها تعكس خصوصياتها وقدرتها على التميز والإضافة للإنسانية وهي القوة الناعمة الفعّالة في الإرتقاء بجاذبية البلدان وإشعاع صورتها في العالم.
السيدات والسادة،
لا يفوتنا في هذه المناسبة أن نترحّم على أرواح من غيّبهم الموت في الفترة الأخيرة من الفنانات والفنانين المبدعين مثل نعمة وزهيرة سالم وحمادي بن عثمان وتوفيق الناصر.
وفي الختام، أتوجّه بالشكر إلى كلّ من ساهم في الإعداد والإنجاز جهويا ووطنيا لمختلف فقرات هذا الاحتفال الوطني،
وأن أشكر حضوركم اليوم وشغفكم بالموسيقى وأهلها، متمنيا التميز لهذه الدورة والتألق لكل المشاركين فيها.
شارك رأيك