منذ ان وطأت قدما الرئيس قيس سعيّد أرض الكِنانة ثم خاصة بُعَيْدَ خطابه الأخير في عيد قوات الأمن الداخلي، يوم 18 أفريل 2021، انبرت بعض الأقلام من ذائعي الصِّيت في الطيف الديمقراطي (انظر مثلا إلى تدوينتي نجيب الشابي ورجاء بن سلامة على الفايسبوك) في حملة نقد وتنبيه حَمّالة أوجه خصوصا لتزامنها مع حملة شعواء شَنعاء تُشنّ من قبل خصومه عليه. والنقد في إتجاه السلطة لازِم و ضَرُورِيّ لأنه من صميم الديمقراطية وينمُّ على يقظة مواطنية. ولكن اليقظة شيء والتَوَهُّم والارْتِيَاب المؤسسان على النوايا شيء آخر.
بقلم فتحي الهمامي *
من ذلك (مثلا) ما قالته رجاء بن سلامة : “لا حاجة إلى استيراد تجارب أخرى قائمة على العنف والعسف” أو الزَعْم ان سعيّد يقود “انقلابا ناعما” (نجيب الشابي). لهذا أتساءل: أين الخطأ في سياسة قيس سعيّد ليكون “في مرمى نيران” الشابي وبن سلامة؟
– ألأنه زار مصر فأعاد بعض الروح إلى السياسة الخارجية، وبعض التوازن إلى علاقات تونس الخارجية؟ أليس في ذلك فائدة للبلاد؟
– ألأنه أصر على عدم فتح قنوات الحوار مع ممثلي لوبيات الفساد وطغمة المتنفذين ولم يسكت عن عمليات السطو على صلاحياته من قبل زعيم حركة النهضة؟
– ألأنه أَبَانَ عند التطبيق نقاط ضعف أحسن دستور وأَظْهَرَ تهافت نظامه السياسي؟
– ألأنه لم يستسلم ولم يسلم الأمر، ليهنأ في قصر قرطاج، إلى قوى المتنفذة إسلاموية ومافيوزية؟
أسئلة إلى من أخذتهم الحَمِيَّةُ الديمقراطية والغيرة على الدستور وعلى المؤسسات
ثم إلى من أخذته الحَمِيَّةُ الديمقراطية والغيرة على الدستور وعلى المؤسسات، أسال : من أوقع بها وجعلها في شبه خَرَاب ودمار؟
* أٌليس من حكم تونس بعيد 2011 وتحكم في الرقاب؟
* أليس من مكَّنَ المال السياسي المشبوه وسلطة على السياسة والمجتمع؟
* أليس من شجع وحرض وساعد على الاعتداء على دولة خارجية (سوريا) الموجب للمساءلة القانونية الدولية؟
* أليس من قام بالانتهاكات والاعتداءات على مواطنين عزل وأفلت المقترفين من العقاب؟
* أليس من شجع على إنتصاب أكشاك “إعلامية” خارج القانون والدستور؟
*اليس من تمكن من القضاء ليطوعه ويخضعه حماية لمريديه ومصالحه وتغطية على جهازه السري وخفايا مقتل الشهيدين؟
* أليس من يريد محكمة دستورية على المقاس أعضادها يخضعون للتعيين الفئوي بالتالي لن تكون لا مؤسسة تحكيمية ولا حامية للدستور؟
* أليس من يتهرب من إنفاذ القانون ضد ممجدي الارهاب (منهم النائب راشد الخياري)، والمعتدين على سيادة البلاد وأمنها (منهم النائب سيف الدين مخلوف)، و المتورطين في الفساد (منهم القاضيان “الساميان”)؟
* أليس من يعجز على محاسبة مغتصبي نتائج الإنتخابات التشريعية المدونة أسماءهم والمثبتة أفعالهم في تقرير محكمة المحاسبات؟
*أليس من يحمي ويرفض رفع الحصانة على من ضده شبهات فساد قوية من النواب؟
*أليس من اعترض بل تهجم بشدة على تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة و على رئيستها ابشرى بلحاج حميدة، الذي لم يسع سوى إلى تغيير القوانين التمييزية لتكون مواءمة للدستور في باب الحقوق والحريات؟
لهذا لا أظن مطلقا أن مظاهر تعطل البلاد وأزمتها مسؤولية سعيّد وعهدته لتطلق عليه سهام نقد بتلك الحدة، بل أرى ذلك، أصدقائي الديمقراطيون، من باب الخروج عن الموضوعية ومجانبة الصواب وخلط للأوراق في وقت يستدعي فرزها.
وهذا لا يعفي – بالطبع – من رسم نقاط التمايز معه كما دأب على ذلك جُلّ الديمقراطيين، بخصوص رؤيته لأنموذج المجتمع منها تلك النظرة التميزيّة للحقوق والحريّات، وأداءه وسياسته الإتصالية ومحصلة إنجازات بداية العهدة.
وذلك أبوابه كثيرة تبقى مشرعة للخوض فيها. ولكنه نقد أرى من الضرورة أن لا يحجب نقاط التقاطع مع السعيد والتي من الأهمية بمكان للحركة الديمقراطية العمل عليها وتنشيطها ومنها الاشتراك في مناهضة منظومة الفساد المتحالفة مع الإسلاميين والتعلق بمفاهيم العدل والإنصاف ورفض سياسة الاصطفاف الاقليمية وغيرها.
والغاية من ذلك بناء أفق للتغيير الوطني قائما على السلمية والمدنية والمشاركة الشعبية. لهذا أعتقد أن الديمقراطيين لو صرفوا جهدهم إلى ذلك لأفادوا البلاد أكبر فائدة.
* مناضل حقوقي.
شارك رأيك