يتابع “مرصد رقابة” الاتفاقيات التي توقّعها أو تستعدّ لتوقيعها حكومة السيد هشام المشيشي بعيدا عن الاضواء، مع عدد من الهياكل الممثلة لأعوان وإطارات الوظيفة العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية.
ولأنّ الأمر يتعلّق بالمال العام، فإن غالبية تلك الاتفاقيات المريبة والغامضة تترتب عنها زيادة في الأجور رغم أنّ بعضها يأتي في شكل ترقيات أومنح أو امتيازات مالية أو عينية أو إحداث أو تنقيح أنظمة أساسية أو مراجعة شروط إسناد الترقيات، أو غيرها من السبل الملتوية التي تنتهجها الحكومة لضمان الصمت والهدوء نتيجة ضغط احتجاجات قطاعات كثيرة تطالب بتحسين أوضاعها الاجتماعية وتستعمل حقها في الاضراب مما أثر في أحيان كثيرة على سير دواليب الدولة وعلى الحياة اليومية للمواطنين.
وتشمل تلك الاتفاقات أو المفاوضات قطاعات كثيرة من بينها النقابات الأمنية والديوانة والقضاء وأعوان الصحة ومهندسي المؤسسات والمنشآت العمومية وغيرها.
ويبدو أن تداعيات تلك الاتفاقيات التي لا ينشر معظمها للعموم وتتم في الخفاء، ستجعل تونس في مأزق مزدوج:
مع المانحين الدوليين نتيجة اخلال الحكومة بتعهداتها تجاههم بخصوص التخفيض في كتلة الاجور من جهة، وتوفير أجور آلاف الموظفين من جهة ثانية، وذلك بعد أن تطورت كتلة الأجور في الفترة بين 2018 و2021 إلى 4500 مليون دينار، كما تبينه الميزانيات السنوية.
وتشير التوقعات ضمن ميزانية 2021 الى ان كتلة الأجور ستبلغ 20118 مليون دينار، ومع اتفاقيات حكومة المشيشي التي تم توثيقها/ من المتوقع ان ترتفع إلى حوالي 21000 مليون دينار، وهو ما يمثل 18.10% من الناتج المحلي الإجمالي للعام الجاري والمقدر ب 116 مليار دينار حسب توقعات صندوق النقد الدولي لنسبة نموّ في حدود 2.4%.
ويثير العجز المسجل في كتلة الاجور مخاوف من انفلات نفقات الأجور وعدم قدرة الحكومة على تعبئة الموارد لتمويل ميزانية العام الحالي، وذلك بسبب سوء السياسات المنتهجة للحكومات المتعاقبة والتي أدت الى التوظيف العشوائي والخضوع للمطلبية المشطة دون وجود موارد مالية كافية.
ويحث صندوق النقد الدولي تونس باستمرار على خفض كتلة الأجور والحد من دعم الطاقة لتقليص العجز المالي، في وقت يتزامن مع سداد الديون المستحقة لهذا العام والبالغة 16 مليار دينار ارتفاعا من 11 مليار دينار في 2020.
إنّ الاتفاقات التي يوقعها المشيشي منذ فترة مع قطاعات مُحتجة، تخالف كل تعهداته وتوقع سياساته في العشوائية والتناقض، خاصة فيما يتعلّق بتخفيض كتلة الأجور، الأمر الذي يؤثر على الموازنة العامة للبلاد وسيكون لتك الاتفاقيات أثر مالي جسيم، سيسعى “مرصد رقابة” لمعرفته وكشفه للعموم.
كما أنه يخلق بإجراءاته التي تغيب عنها الشفافية والحوكمة وحسن التدبير، اختلالات في السلم الوظيفي بسبب استعمال الترقيات لمن يستحقها ولمن لا يستحقها كثمن مقابل ضمان صمت القطاعات المطالبة بتحسين أوضاعها الاجتماعية، وبما يشجّع قطاعات أخرى على المضي قدما في المطلبية طالما أن حكومة المشيشي لا تخيّب أي طلب أو رجاء في سعيها للبقاء في الحكم، وفي سعيها لشراء السلم الاجتماعية بالوعود وضمان حزام سياسي واجتماعي يمكّنها من الصمود في وجه الأزمة السياسية والاقتصادية والصحية الخانقة التي تمرّ بها تونس.
وتبعًا لكل ما ذكر، راسل “مرصد رقابة” اليوم الأربعاء 5 ماي، كلا من رئيس الحكومة، والوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية، مستفيدا من حقه في النفاذ إلى المعلومة، مطالبا بقائمة في الاتفاقيات التي تمّ إبرامها خلال الفترة من غرّة سبتمبر 2020 إلى حدود اليوم، مع مختلف الهياكل الممثلة لأعوان وإطارات لوظيفة العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية في مختلف الأسلاك والقطاعات والتي ترتب عنها زيادة في الأجور أو الترقيات أو منح أو امتيازات مالية أو عينية أو إحداث أو تنقيح أنظمة أساسية أو مراجعة شروط إسناد الترقيات أو غيرها.
وطالب المرصد بنسخ من الاتفاقيات المذكورة وبالأثر المالي المترتب عنها، متعهدا بكشف ما يحصل عليه من معطيات لعموم التونسيين والاضطلاع بدوره في كشف مصير المال العام ومنع تحوّل موارد الميزانية وأموال دافع الضرائب إلى “دفتر شيكات” يُستعمل لأغراض سياسوية ولشراء السلم الاجتماعية وكسب ولاء قطاعات بعينها بسبب أداء طبقة سياسية من الهواة.
تونس في 05/05/2021
شارك رأيك