“أوقفوا قتل النساء على مذبح الدولة؟
ما من عيد والنساء تقتل:
يوم العيد انطلاقا من الساعة العاشرة صباحا نعلق على بيوتنا وشبابيكنا في كافة جهات الجمهورية
” لا عزاء للنساء والعنف يقتلهن كما الوباء”
رفقة الشارني التي قُتلت بدم بارد ورصاص مدوّ من قبل زوجها عون الأمن كما لو كانت في ساحة حرب، إنما تجسّد مثالا عن حرب ذكورية تشنّ على النساء منذ آلاف السنين بكل عنفها المجاني ووحشيتها الجبانة وحقدها الدفين، وإلى اليوم لم نتمكن من إيقاف رحاها رغم منطوق القوانين وشكلية الإجراءات ورنين الخطابات.
إن رفقة الشارني هي ضحية منظومة مؤسساتية ومجتمعية لطالما تهاونت مع العنف الذي يطال ويقتل النساء وتكتّلت عليها بجميع مرتكزاتها لتحرمها من حق الحياة.
إنها ضحية دولة جعلت قوانينها حبرا على ورق ولم ترفق إصدارها بسياسة جزائية لتطبيقها تقتضي ضرورة الحماية الفورية للضحايا وإيقاف الإفلات من العقاب. دولة لم توفر المآوي الآمنة للنساء ولم تنشئ هياكل المرافقة والتعهد ولم تخصص الميزانيات ولم تقاوم عقلية تبرير العنف في العائلة والمدرسة والعمل والبرلمان والإعلام ولدى القائمين عليها وخاصة القائمين على تطبيق القانون.
رفقة الشارني هي ضحية منطق الزمالة الأمنية والتضامن المهني والتواطؤ الذكوري فكلّما كان الجناة من أصحاب السلطة والجاه مهما كانت مواقعهم في أجهزة الدولة كلّما تركت الضحايا معزولات أمام جلاديهن وهنا ينكشف مرّة أخرى الوجه الذكوري للفساد حيث لا عدالة للفقيرات ومعدومات السلطة والجاه والمال والنفوذ فتلك امتيازات الذكورة لدى المنظومة الأمنية وحتى القضائية.
رفقة الشارني هي ضحية نيابة عمومية متهاونة في تطبيق القانون على المعتدين ومتراخية في اتخاذ الإجراءات الاحترازية لحماية النساء من تواصل العنف وتفاقمه ضدّهن. ضحية قضاء متحيّز لا يعترف بفلسفة القانون عدد 58 وبمنطوقه ويجد الذرائع للمعتدين ويعوّل على تراجع الضحية وفي أحيان كثيرة يدفعها إلى ذلك.
رفقة الشارني هي الضحية الجديدة لمجتمع مطبع ومتسامح مع كل أشكال العنف ضد النساء ويعطي للأزواج الوصاية المطلقة على أجسادهن وخياراتهن ومستقبلهن وحتى على وجودهن مع ما اعتدنا عليه من ضغوط وتبريرات تبرؤ الجلادين وتدين الضحايا: “وصّلت روحها”، “آش لزّها”، “كارها تفهمت الي هو يخدم في خدمة صعيبة”،”التضحية من أجل الأبناء” و”حفاظا على العائلة”… وكل تلك المقولات الجاهزة لقبول الهيمنة والعنف والتسليم بالقدر الذكوري والتي رددها اليوم على مسامعنا بلا مواربة الناطق الرسمي عن المحكمة الابتدائية بالكاف تبريرا لعدم استشعارهم للخطر الذي أودى بحياة رفقة وعدم تحمّلهم مسؤوليتهم في إنجادها…
قُتلت رحمة وقتلت رفقة ولا يخلو أسبوع من خبر قتل النساء وسوف تُقتل أخريات في ظل حكومات منسحبة من مسؤولياتها تجاه مواطناتها بل وتنخرط في سياسات عمومية لممارسة التمييز وتأنيث الفقر والتهميش والبطالة وبالسكوت على أشكال العنف المتنوعة ضد النساء والضلوع فيه بسياسات امنية وقضائية منحازة جنسانيا للذكور ومنحازة للأقوى ما يعمّم الخوف لدى النساء ويثنيهن عن طلب الحماية والعدالة.
أمام هذه الصدمة فإن مناضلات الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات يرون أنه ما من عزاء في رفقة طالما يتواصل استهتار الدولة بحياة النساء وكرامتهن.
وعليه فإن مناضلات الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات يتوجهن إلى عموم النساء وإلى كافة الضمائر الحية التي أطلقت صرخات الفزع أمام هذه الجريمة النكراء وإلى كافة قوى المجتمع المدني للتعبير الجماعي عن رفضنا للجريمة التي ساهمت فيها الدولة بمؤسساتها وندعو إلى تخصيص يوم العيد الذي لن يكون كذلك والنساء تقتل للتعبير الجماعي عن رفضنا الجماعي تقتيل النساء ومنظومة الإفلات من العقاب وذلك بأن نعلّق جميعا عند العاشرة صباحا من يوم العيد على أبواب منازلنا وشبابيك بيوتنا ومقراتنا:
“لا عزاء للنساء والعنف يقتلهن كما الوباء”.
شارك رأيك