تلقينا الرسالة التالية من السيد رضا بن سلامة الي كان مقربا من الوزير الأول السابق المرحوم محمد مزالي يرد فيها على مقال مصطفى عطية نشر في كابيتاليس بتاريخ 15 ماي 2021 بعنوان “للحقيقة والتاريخ-أكبر عملية اختراق : “الدساترة الإخوان” بين مرجعيات محمد مزالي والمال القطري” و ينزه فيها الوزير الأول السابق عن كل تحالف فكري أو سياسي مع حركات الإسلام السياسي بما فيها حركة النهضة.
بقلم رضا بن سلامة *
لقد لفت نظري أحد الأصدقاء إلى مقال نشر في كابيتاليس بتاريخ 15 ماي 2021 تحت إمضاء مصطفى عطية بعنوان “للحقيقة والتاريخ-أكبر عملية اختراق : “الدساترة الإخوان” بين مرجعيات محمد مزالي والمال القطري”. أريد قبل كل شيء أن أشير إلى أن الصورة الأولى التي تتصدر المقال قد تم حذف المازري الحداد منها، حتى يتوسط المرحوم محمد مزالي المشهد وهو ما يُعتبر تزويرا، وبدون ذكر المرحلة التي تتزامن مع لقاءات جرت في المهجر بين العديد من المعارضين لنظام بن علي من بينها هيئة 18 أكتوبر 2005 التي جمعت أغلب الأحزاب المعارضة ومن ضمنهم حركة النهضة إضافة إلى عدد من المستقلين. وأعتقد أن النزاهة الفكرية تقتضي وضع الأمور في نصابها. كما أعتبر ذلك انطلاقا في عملية التلاعب بالوقائع التاريخية وتطويع المواقف حسب أهواء وخلفيات من يبثها ويعمل جاهدا على إشاعتها. وهو ما قامت به أبواق الدعاية طوال فترة نظام بن علي، وها هي قد وجدت ضالتها في من يواصل عملها المُشوه للحقائق. أما مُمثلو الإسلام السياسي فهم يستسيغون هذه الأطروحات لخلط الأوراق ويضحكون على ذقوننا في قرارة أنفسهم.
سبق لي أن نشرت العديد من المقالات لكشف المُغالطات التي تخللت مثل هذه التوليفات، وآخرها دراسة على صدرت لي في جريدة “الصباح” على ستة محاور في أكتوبر ونوفمبر 2020.
هناك مفارقة مُدهشة عندما ينساق البعض في دعم الخصوم السياسيين، ويساهم في حملة تقف وراءها وتغذيها قوى ظلامية رجعية تحت قناع توافق مغشوش جديد بعد أخفق التوافق المغشوش السابق. وهل يُعقل أن ينساق مُثقف، من المفترض أن يكون له وعي تام بهذه المسائل، لخدمة غايات مشبوهة وكأنَ به يقول: «بيدي لا بيد عمرو»؟ متى نفيق من هذا الخداع الذي لا يحتاج كشفه أكثر من لحظة استبصار؟ هذه هي المُراهقة السياسية بعينها من قبل زمرة ما يطلق عليهم «البلهاء المفيدون0» الذين أصبحوا بكثرة في الساحة.
وللتذكير فإن المرحوم محمد مزالي، الذي أعرفه حق المعرفة وأنزهه من هذه الاستقراءات المتجنية، هو أحد تلاميذ المعهد الصادقي قبل أن ينتقل للدراسة في فرنسا ليتخرج من السربون. درّس الفلسفة قبل أن يخوض غمار المسؤوليات السياسية على رأس وزارات مختلفة (الشباب والرياضة، الدفاع الوطني، الصحّة، التربية، الوزارة الأولى). وهو مناضل من بين قادة الحزب الدستوري الجديد منذ شبابه. ويعني ذلك بوضوح مُساهمته في بناء مشروع تنويري حداثي، استنادا إلى الفكر الإصلاحي التونسي التي جسده أمثال خير الدين وقبادو والحداد…، كما يعتمد في مرجعيته الفكرية على مخزون الحضارات التي تعاقبت على هذه الأرض وأفرزت الشخصية التونسية بكل مُقوّماتها بما فيه مكونها العربي الإسلامي. فمن هذا المنطلق قاوم كلّ زعماء الحركة الوطنية ابتداء من الحبيب بورقيبة الاستعمار بالذود عن هذه المقوّمات ثم الحرص على تجسيمها ضد الظلاميين.
* باحث كان مكلفا بمهمة لدى الوزير الأول السابق محمد مزالي.
شارك رأيك