التاريخ: الإربعاء 19 ماي 2021، الساعة التاسعة صباحا 9:00،
المكان: مقر الأكاديمية البرلمانية بالمبنى الفرعي لمجلس نواب الشعب.
انطلق المسار الانتقالي في تونس مباشرة بعد ثورة الحرية والكرامة 17 ديسمبر 2010 -14 جانفي 2011 ومرّ عبر محطّات تاريخيّة هامّة تمثلت أساسا في إصدار جملة من المراسيم والقوانين والمصادقة على دستور 2014 بهدف تعزيز حماية حقوق الإنسان وإرساء دولة القانون.
ولعل أهم مجال يمس من حقوق الإنسان ومن الحريات الفردية يتعلق بالتشريعات الجزائية وبالإجراءات الجزائية انطلاقا من مرحلة الاحتفاظ إلى مرحلة السجن.
و من المفارقات أن هذا المجال، على الرغم من أهميته، شهد بعض تنقيحات محتشمة ذلك أن الفصول الزجرية للمجلة الجزائية لم تنقح.
لكن يتعين الإشارة الى أنه سجلت مرحلة ما بعد دستور 2014 محاولات لتطوير السياسة الجزائية. إذ تم تكوين لجنتين، لجنة مراجعة المجلة الجزائية ولجنة مراجعة مجلة الإجراءات الجزائية.
فيما يتعلق بمشروع مراجعة مجلة الإجراءات الجزائية، تم بموجب المقرر الصادر عن السيد وزير العدل وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية بتاريخ 16 جوان 2014 إحداث لجنة مكلفة بمراجعة مجلة الإجراءات الجزائية تتركب من قضاة ومحامين وأساتذة جامعيين. امتدت أعمالها الى أكثر من أربع سنوات. قامت اللجنة بمواءمة مجلة الإجراءات الجزائية مع دستور 2014 و مع الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف التي صادقت عليها بلادنا والارتقاء بمنظومة الحقوق والحريات من خلال تطوير السياسة الجزائية. هذا المشروع من شأنه التقليص من اللجوء شبه الآلي للاحتفاظ والإيقاف التحفظي لأنه يقدم بدائل على غرار نظام المراقبة الالكترونية. كذلك فيما يتعلق بالاحتفاظ، بمقتضى هذا المشروع، يمكن الطعن فيه أمام هيئة مختصة.
إلا أنه وعلى الرغم من الرؤية التقدمية التي يحملها هذا المشروع، فانه لم يرى النور منذ سنة 2019.
وفي الأثناء، تعاني السجون التونسية من الاكتظاظ ومن بنية تحتية مهترئة تضر بالسجين من جهة وبأعوان السجون من جهة أخرى[1].
يرجع ارتفاع عدد السجناء إلى عدة عوامل لعل أبرزها اللجوء شبه الالي للإيقاف التحفظي[2]، عدم تفعيل العقوبات البديلة، تشريعات جزائية تقمع الحريات الفردية على غرار القانون عدد 52 المتعلق باستهلاك المخدرات، الفصل 125 من المجلة الجزائية المتعلق بهضم جانب موظف عمومي والفصل 230 من المجلة الجزائية المتعلق بتجريم المثلية الجنسية…
هذا وتجدر الإشارة الى أنه تم تبني جملة من التنقيحات كان الهدف من ورائها التقليص من عدد المحكومين والموقوفين على غرار القانون عدد 5 لسنة 2016 المؤرخ في 16 فيفري 2016 المتعلق بالاحتفاظ و القانون عدد 39 لسنة 2017 المؤرخ في 8 ماي 2017 المنقح للقانون عدد 52 لسنة 1992 المؤرخ في 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات و غيرها… لكن، هذه التنقيحات لم تحقق الأهداف التي وضعت من أجلها و لم ترتقي الى المحاولة الجادة لإصلاح المنظومة الجزائية و ملاءمتها مع التشريعات الدولية ذلك أنها تترجم عن احتياجات ظرفية و تستجيب لتطلعات مضبوطة.
وبناء على ما تقدم، يتعين اليوم، 10 سنوات بعد الثورة و7 سنوات بعد المصادقة على دستور 2014، التفكير في حلول جذرية للمنظومة الجزائية ترتقي بمنظومة الحقوق والحريات الى مصاف القوانين المقارنة المتقدمة. في هذا الإطار، تقرر تنظيم يوم برلماني للتطرق إلى جملة الإشكاليات المتعلقة بالسياسة الجزائية والإجراءات الجزائية في تونس والحلول الممكنة من أجل تبني سياسة جزائية شاملة ومتجانسة مع مقتضيات الدستور ومع المعايير الدولية لحقوق الإنسان تقلص من ظاهرة الاكتظاظ وتراعي الحقوق والحريات وتضمن أمن التونسيين والتونسيات.
[1] “الممارسات الفضلى تحدد عدد النزلاء المكلف كل عون بمراقبتهم بستة عشرسجينا، بالنسبة للسجن المدني بالكاف الذي يبلغ تعداد القوة الجملية للإدارة والأعوان 181، 7 منهم فقط يعملون بالتواصل مع السجناء فيكون نصيب كل عون قرابة 76 سجينا. أما السجن المدني بصفاقس وخلال سنة 2013 بلغ العدد الجملي للسجناء 1776 في حين كان عدد العاملين ممن لهم اتصال مباشر بالسجناء 36 عونا من جملة 100 وذلك بمعدل 13 عون بكل جناح وبالتالي يكون نصيب كل عون 50 سجينا، وبالتالي يصبح موظفوا السجن أقل قدرة على السيطرة على ظاهرة العنف بين السجناء”. الاحتفاظ والايقاف التحفظي – بدائل السجون بين إكراهات الواقع و الحقوق- فوزي المصمودي- وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بصفاقس.
[2] 60 % من المساجين من الموقوفين تحفظيا.
شارك رأيك