تأتي الذكرى الثالثة والسبعون للنكبة، والشعب العربي الفلسطيني يسطّر اروع صور البطولة والتضحية، دفاعا عن الارض والانسان والمقدسات، ومن اجل حقه في العودة الى ارضه ووطنه، وبناء دولة فلسطين العربية الديمقراطية المستقلة على كامل التراب الوطني. إن هذه المناسبة وبالقدر الذي تثير في نفوسنا، كل صور القهر والعذاب والتشريد الذي تعرض له الشعب الفلسطيني، فإنها تثير أيضا كل معاني التقدير والاجلال لإصراره على مواصلة النضال وتقديم التضحيات في أصعب وأحلك الظروف، من اجل تأكيد حقوقه الوطنية، وفي الموقع المتقدم لنضال الأمة العربية ضد الكيان الصهيوني. اننا وارتباطا باللحظة النضالية المتجسدة بمعارك الشرف والبطولة التي يخوضها الشعب الفلسطيني نؤكد على ما يلي:
اولا: ان المعركة التي يخوضها الشعب الفلسطيني في هذه اللحظة التاريخية، وبالقدر التي تشكل بالمعنى المباشر ردا طبيعيا وموضوعيا على صلف العدو الصهيوني، وما يقترفه من جرائم في القدس من خلال العمل على محاولة الاستيلاء على حي الشيخ جراح، وتشريد وتهجير سكانه، وتكرار محاولات انتهاك حرمة الاقصى الشريف، فإنها تندرج في السياق التاريخي لنضالات الشعب الفلسطيني وتضحياته واصراره على تحرير فلسطين وتجسيد حقه في العودة الى وطنه حرا ابيا كريما.
ثانيا: ان الوحدة الجماهيرية النضالية التي يجسدها الشعب الفلسطيني، والتي تتجلى في انخراط كل ابناء الشعب الفلسطيني، في فلسطين المحتلة عام 1948، وفي الضفة الغربية وغزة والمخيمات، ومختلف بلدان الشتات، هي التعبير الحقيقي عن وحدة الشعب الفلسطيني الذي استعصى على التفتيت والتقسيم، في ظل عمليات التشريد المتلاحقة، والتي تأتي في سياق المحاولات البائسة لإلغاء شخصيته والتفريط في حقوقه الوطنية.
ثالثا: ان المقاومة الفلسطينية التي تتصدر المواجهة المسلحة الظافرة مع العدو الصهيوني في هذه اللحظة التاريخية، وبكل اجنحتها المقاتلة، هي التجسيد الحي للروح الكفاحية للشعب الفلسطيني التي لم تنطفئ أنوارها. كما ان تجسيد هذه الفصائل لوحدتها وتماسكها في خنادق القتال، ومن خلال غرفة العمليات المشتركة، جعلها الاقدر على قيادة نضال الشعب الفلسطيني والمضي به الى بر الامان، الامر الذي يفرض ادانة كل محاولة للدس فيما بينها، بهدف تمزيق صفوفها تحت عناوين وشعارات باهتة وواهية.
رابعا: ان حالة التردد والارتباك التي ظهر عليها دعاة التسوية، بينما الشعب الفلسطيني يواجه بكل شجاعة وبطوله الالة الحربية الصهيونية، تؤكد أن اللحظة التاريخية والمبنية على دروس التجربة الماضية، تفرض وبالضرورة الوقف الفوري لكل أشكال التنسيق مع العدو الصهيوني، وطي صفحة اتفاق اوسلو، والمضي نحو بناء وحدة وطنية فلسطينية نضالية، على ارضية برنامج سياسي يستجيب لإرادة التحرير والعودة للشعب الفلسطيني.
خامسا: اننا وبالقدر الذي نسجل ادانتنا للجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق ابناء الشعب الفلسطيني العزل، من قتل وتدمير للمدارس ودور العبادة والمستشفيات والمؤسسات الاقتصادية والانتاجية، فإننا نعي ان ذلك يشكل سمة لصيقة بهذا العدو، الذي يقدم لنا بهذه الجرائم نموذجا مصغرا لما سيقوم به في أي بلد عربي، فيما لو تمكن من التمدد والتوسع، الامر الذي يجعل من مقاومته والتصدي له مسؤولية كل ابناء الامة واحرار العالم.
سادسا: ان التطبيع الجاري بين الكيان الصهيوني، وبعض البلدان العربية، اضافة الى الاختراقات التي استطاع ان يحققها في بلدان اخرى، تشكل في جوهرها تفريطا بالسيادة الوطنية لهذه البلدان، او ايذانا بالتفريط، وطعنة في ظهر الشعب الفلسطيني، ونضاله الوطني، وتنكرا للقانون الدولي الانساني، اضافة الى كونها تتيح الفرص لهذا العدو كي يواصل جرائمه المتعددة. كما ان صمت المجتمع الدولي وتقاعسه قد شكل نوعا من التأييد لتلك الجرائم والامعان في ارتكابها من قبله. لذلك فإننا وبالقدر الذين ندين بأشد العبارات كل اشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، فإننا ندين ايضا كل محاولة للصمت والتستر على جرائمه.
يا جماهير شعبنا
اننا ومن موقع الوعي بالمهام والتحديات التي تفرضها اللحظة التاريخية ندعو الى تضافر جهود منظمات المجتمع المدني التونسي بمختلف مشاربه من اجل المضي نحو انجاز المهام الاتية:
1 ــ توفير كل اشكال الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني، ولقواه المقاومة التي تتصدى ببسالة للعدو الصهيوني، بما يفرضه ذلك من مبادرات جمع تبرعات ومعونات طبية، والدفع باتجاه استقبال جرحاه في المستشفيات الحكومية والخاصة.
2 ــ التحرك الفوري للمنظمات الحقوقية وبالتنسيق مع منظمات دولية للدفع باتجاه محاكمة الاحتلال وقادته على الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني بوصفها جرائم ضد الانسانية. ومن ناحية ثانية مطالبة النظام المصري بفتح معبر رفح على قاعدة القوانين الدولية التي تنظم عمل المعابر الدولية، إذا لم يكن هناك استجابة بدافع الاخوة والانتماء، وذلك من اجل تسهيل ادخال المساعدات الى قطاع غزة المحاصر.
3 ــ محاصرة قوى التطبيع المتنامية، بالمسارعة بسن قانون تجريم التطبيع مع الكيان المحتل، الامر الذي يشكل حماية للسيادة الوطنية من الاختراق الصهيوني، وحماية لظهر الشعب الفلسطيني الذي يخوض النضال في الصفوف الاولى.
المجد والخلود للشهداء ــ الشفاء للجرحى ــ الحرية للأسرى ــ التحية كل التحية لرجال ونساء المقاومة
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
الرئيس
عبد الرحمان الهذيل
شارك رأيك