تُشكِّل جماعة الإخوان المسلمين المساحة الكبرى لهذه الظاهرة المشوّهة للدين، إذ أبرزت التصوّرات والمُمارسات العمليّة للجماعات الإسلاميّة مُشكلات عديدة في قضايا المال القذِر والولاء إلى الخارج والحرّيات الشخصية والعامّة، التي يرى المُتأسلمون أنهم مُكلّفون بضبطها عند عامّة الناس.
بقلم رضا بن سلامة *
الحركة الإسلامية التونسة في سبعينات القرن الماضي :
لقد تمّ التأسيس لهذا التيار الهَجِين في شهر أفريل 1972 في ما سُمّي مؤتمر الأربعين السرّي، الذي قرّر بوضوح بأنّ “الحركة الإسلامية” بتونس هي تعبير محلّي للتيار العالمي “للإخوان المسلمين”. في نفس الفترة، صدرت مجلة المعرفة (1974) وتمّ تكوين جهاز للدعاية مُحدِثًا دارًا للنشر “دار الراية”. كانت مصالح الإدارة المُكلّفة بالإيداع القانوني تصِلها عشرات الكتب من هذا النوع ولا تُحرِّك ساكنا. والذي بقي غَامِضا أنّ هذا التَضَخُّم في نشر عشرات العناوين من الكتب الدينية المُتطرّفة والمتحصّلة على الإيداع القانوني من وزارة الداخلية، وقع في زمن حكومة الوزير الأول آنذاك الهادي نويرة. أمّا مدير الحزب الاشتراكي الدستوري محمد الصياح فقد تعامل مع الظاهرة بِنوع من الإِنْتِهازية كأداة من أدوات المُواجهة للتيار اليساري في الجامعة وللنقابات العُمّالية. وقد تباهى على هامش ندوة لمؤسّسة التميمي قائلاً أنّه «نجح في افتكاك الغضباني منهم» (الأستاذ حسن الغضباني المحامي) ! كما تمّ دعم هذا التيار معنويًا من قِبل عبد الله فرحات، وأكّد ذلك أحمد المناعي بأنّ علاقات قِيادة الجماعة كانت قويّة مع وزير الدفاع عبد الله فرحات : «في 1978 طلب منّي راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة) أنْ أُعرّفه على بعض الشخصيات العامّة والسياسية وأوّلها المرحوم عبد الله فرحات وزير الدفاع، ودخل الغنوشي إلى الوزارة من الباب الرئيسي وليس من الباب الخلفي» (مجلة المجلة، 10 أكتوبر 2011). أما بخصوص مناهج التعليم، يمكن ذِكر تعريب الفلسفة في 1975 الذي حرص على القيام به إدريس قيقة، وزير التربية، ليحُدّ حسب طرحه من تأثير الفلاسفة الحُمر» على الناشئة، وقام أيضا بتعريب الحساب في الابتدائي «لأنّهم لم يفهموا محتواها المُحرّر بالفرنسية». مع الإشارة إلى أنّ هذا التيار ساند حكومة الهادي نويرة ضدّ الاتحاد العام التونسي للشغل في 26 جانفي 1978 واعتبر ما حدث «فِتنة وكل فِتنة من النار».
وهكذا، نقف على حقيقة تاريخية وهي أنّ الحركة استكملت هيكلتها في نهاية السبعينات وبدأت في تجاوز مرحلة الدّعوة في المساجد إلى ما يُطلقون عليه «المرحلة المكّية». وربّما يتساءل المرء على تمكّن “الاتجاه الإسلامي” من اختراق المؤسّسة العسكرية والأمنيّة والعقيد بن علي يتولّى الإشراف على الأمن العسكري منذ 1964 ثم الإدارة العامة للأمن بوزارة الداخلية ابتداء من 1978؟
كشْف التنظيم السرّي للاتّجاه الإسلامي سنة 1980 :
الأمر المؤكَد هو أنَ “الاتَجاه الإسلامي” أصبح في نهاية السبعينات واقعًا ملموسًا. لقد كانت الحكومة الجديدة (أفريل 1980) تنظر إلى هذا التنظيم بكثير من الحيطة، خاصةً بعد فترة اندلاع «الثورة الإيرانية» (1979) التي كان راشد الغنوشي ومن معه يُشيدون بها، ويُعلنون تأييدهم لها، ومن التوجّس أيضًا من تفشّي ما يحدث في الجزائر مع ظهور حركة مُسلَحة يقودها مصطفى بويعلي (كتاب الحركة الإسلاميّة المُسلّحة في الجزائر، يحي أبو زكريا، دار التعارف، بيروت).
في 5 ديسمبر 1980 تمكَنت قوّات الأمن من كشف تنظيم سرّي للحركة، وتمّ القبض على كل من صالح كركر وبن عيسى الدمني وبحوزتهما جميع الوثائق المُتعلَقة بالجماعة (أكثر من 2000 صفحة عن التنظيم السرّي). وبدأ الصَدام مع السلطة عندما أقدم أفراد من الجماعة في 20 فيفري 1981 باحتجاز عميد كليّة العلوم بتونس علي الحيلي وتهديده بالقتل، وهدّدوا أيضًا بحرق المُختبر التابع للكلّية. إضافةً إلى أعمال العنف ضدّ المُفطرين في شهر رمضان، حتى أن وزير الداخلية أصدر منشورا يقضي بإغلاق المقاهي خلال شهر رمضان، وتمّ إلغائه بسرعة البرق ولم يبق له أثر. منشور يبدو كالمحبوبة الأرلية (Arlésienne)، حيث نتحدّث عنها كثيرًا دون أن نراها أبدًا !
في 18 جويلية 1981 تمّ إلقاء القبض على 107 من قيادات الحركة بتهم «الانتماء إلى جمعية غير مُرخّص لها، والنّيل من كرامة رئيس الجمهورية، ونشر أنباء كاذبة، وتوزيع منشورات مُعادية». وصدرت الأحكام في 4 سبتمبر 1981، بالسجن 11 عامًا على راشد الغنوشي وصالح كركر، وبـ10 سنوات سجنًا لعبد الفتاح مورو. وفي 17 سبتمبر 1981 أصدرت الوزارة الأولى منشورًا حول مظهر الأعوان بالإدارة والمؤسّسات العموميّة معتبرًا الحجاب «زيًا طائفيًا منافيًا لروح العصر وسنّة التطور السليم». كما أصدرت وزارة التربية منشورًا آخر إلى جميع مديري المعاهد مُطالبةً بالحرص «بما ينبغي من الجد والحزم ضدّ ظاهرة الحجاب»، التي تمثل «ضربًا من الشذوذ والانتساب إلى مظهر مُتطرّف هدّام».
لم يتمّ الإفراج على عبد الفتاح مورو لأسباب صحّية إلا في أوت 1983، وبقي رهن الإقامة الجبريّة لمدّة سنة. بعد أحداث الخبز، وفي إطار التهدئة على المستوى السياسي العام، وجّهت الحركة رسالة للرئيس الحبيب بورقيبة تلتزم بعدّة مبادئ من بينها نبذ العنف، فأصدر الرئيس الحبيب بورقيبة قرارًا بالإفراج عن كلّ معتقلي “الاتّجاه الإسلامي” في 3 أوت 1984. مع الإشارة إلى أنه تمّ إجراء 25 مُحاكمة لقيادات ما يُطلق عليه “الاتّجاه الإسلامي” على مستوى الجمهورية في الخُماسِي الأول للثمانينات.
انقلابان تَوْأَمَان، طبّي وإخواني مُسلّح : بعد أن تخلّص المُتآمرون من الوزير الأول في جويلية 1986، بدأ العدُّ التنازُلي لإنهاء قِيادَة الزعيم الحبيب بورقيبة للبلاد، مما ساهم في تيْسير خطّة زين العابدين بن علي للاستيلاء على الحكم باستغلال تحرُّكات التيّار الإسلامي المؤدلَج للوصول إلى رأس السّلطة، وهو ما أكّده بالتفصيل الدكتور عمر الشاذلي في كتابه “بورقيبة كما عرفته”.
نظّمت “حركة الاتّجاه الإسلامي”، في ديسمبر 1986، مؤتمرها الرابع في المنزه، وسُمّي بمؤتمر “المضامين”. وفي مارس 1987، اتّهمت الحكومة التونسية إيران بتمويل الحركة وأُلقي القبض على راشد الغنوشي. وشهدت الصّدامات أوجها سنة 1987 مع السّلطة بعد أن ثبت تورّط الحركة في التفجيرات التي استهدفت 4 نزل في سوسة والمنستير والتي خلّفت 13 جريحا. بدأت سلسلة مُحاكمات جديدة لأعضاء “الاتّجاه الإسلامي” في 27 أوت 1987، وأحيل 90 شخصا من بين المعتقلين إلى محكمة أمن الدولة. صدرت الأحكام في 27 سبتمبر 1987، وحُكم على اثنين من الحاضرين بالإعدام، وعلى 6 آخرين بالإعدام وهم في حالة فرار ومن بينهم حمادي الجبالي وعلي العريض وصالح كركر، بينما حُكم على راشد الغنوشي بالمؤبّد.
يقول أحمد المناعي، رئيس “المعهد التونسي للعلاقات الدولية”: «كانت حركة الاتّجاه الإسلامي (النهضة لاحقاً)، تستعدّ لتنفيذ انقلاب ضدّ الرئيس الحبيب بورقيبة، عن طريق تنظيمها الأمني والعسكري، المُندس داخل المؤسّستين الأمنية والعسكرية الرسميّة، والذي أُطلق عليه اسم “المجموعة الأمنية”». أما بن سالم فيوضّح أنّ المجموعة الانقلابية : «تضمّ عدداً من العسكريين من شتّى الرُتب ومن رجال الأمن بكلّ أصنافهم ومن المدنيين، وضعت المجموعة لنفسها هدفاً واحداً هو إزاحة بورقيبة ومن سار في دربه عن الحكم… اجتمعت قيادة المجموعة يوم 15/10/1987 وبعد مسح لإمكانياتنا ومواقعنا قرّرنا أن يكون يوم 7/11/1987 آخر أيّام بورقيبة في الحكم وهو ما تمّ بالفعل».
لكن في 27 أكتوبر 1987 تمّ إيقاف القيادي في حركة الاتجاه الإسلامي والمسؤول عن «جهازها الخاص» محمد شمام. ويُضيف بن سالم أن فرقة الكمندو التي اقتحمت قصر قرطاج كانت بقيادة الصادق غضبان وهو من المجموعة. وقد سُجن، بعد توسيمه وترقيته من قِبل بن علي. أما طائرة الهليكوبتر بقائديْها التي حملت بورقيبة من قرطاج إلى مرناق هي نفسها التي خصّصها الجماعة. وقائد قاعة العمليات بالعوينة المُشرفة على أمن تونس الشرقية أين توجد قرطاج ومعظم النقاط الحسّاسة كان الرائد محمد المنصوري الذي قُتل تحت التعذيب يوم 1/12/1987. كما أنّ الحارسين لبن علي كانا أيضا من المجموعة وقد سُجنا بعد التوسيم. ولا يمكن تفسير هذا التداخل المُريب بين من يُشرف على أجهزة الدولة من ناحية والمتآمر على الدولة من ناحية أخرى إلاّ بالتقصير والتهاون أو ربّما التواطؤ.
صفقة المُغفّلين :
في صيف 1988 بدأت السلطة بفتح قنوات للتفاوض وقام أحمد الكتاري الذي كان يشغل مديراً عاماً للسجون بهذا الدور. وتمّ الاتفاق على أن يقع إطلاق سراح المجموعة على 3 أفواج : الفوج الأول في نوفمبر 1988 والثاني في مارس 1989 والثالث في أفريل 1989.
عقد إذن نظام بن علي “صفقة” مع حركة “الاتّجاه الإسلامي” التي “باركت التحوّل”. عندها تَنحْنَحَ راشد الغنوشي فنطق بمقولته المعروفة : «ربي الفوق وبن علي لوطا» في جويلية 1988. وتُوّج كل ذلك بوثيقة الميثاق الوطني التي وقّعها نور الدين البحيري باسم النهضة.
كان نظام بن علي يريد أن تتم الانتخابات التشريعية على قائمات موحّدة مع المعارضة في إطار جبهة تتكوّن من الأحزاب السياسية المُمضية على الميثاق الوطني على أساس طبخة تذهب فيها أغلب المقاعد النيابية لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي. لكن مشاركة حركة النهضة بقوائم “مستقلّة” اعتُبرت بمثابة نهاية فترة التعايش. واتّخذت المُواجهة شكل الاستعصاء من قبل حركة النهضة وفق مقرّرات مجلس شورى الذي انعقد في أواخر سبتمبر 1989.
وهكذا، بعد مرحلة مُحاولات الاحتواء قرّر النظام التعاطي الأمني كمُقاربة لحسم القضية مع حركة النهضة التي لجأت بدورها في مجلس الشورى المُنعقد أوائل ديسمبر 1990 إلى تمرير المواجهة مع النظام بأغلبية ضعيفة كان ضمنها راشد الغنوشي -الذي غادر إلى لندن منذ ماي 1989- في إطار ما يسمى آنذاك “معركة فرض الحريات”، مع تبني سياسة «تحرير المُبادرة» التي تُعطي لأعضاء حركة النهضة حرّية اتخاذ أشكال المُواجهة وتنفيذها.
ودخل نظام بن علي في دوّامة القمع العشوائي. أفضت هذه السياسة إلى ارتكاب أعمال قمع طالت تقريبا جلّ الناشطين في الساحة مهما كانت توجّهاتهم، الأمر الذي أدّى إلى انبثاق هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات في 24 ديسمبر 2005 والتي جمعت عدّة أحزاب وشخصيات تونسية مُعارضة لنظام بن علي، وأخذت اسمها من تاريخ 18 أكتوبر 2005 تاريخ بداية إضراب جوع قام به 8 معارضين من تيارات سياسية مختلفة من بينها مُمثّل عن حركة النهضة. وبهذه الطريقة “نجح” بن علي في فرض تضامن المُتناقضات والتباينات الفكرية إلى درجة تواجد الشيوعي والقومي في نفس الخندق مع الإخواني ! في نفس الفترة، أُجريت لقاءات في المهجر بين شخصيات مُعارضة لنظام بن علي، إلاّ أن وصمة اللقاء مع مُمثلي هذه الحركة كانت انتقائية لدى شق من المُنتسبين إلى ما يُطلق عليه باليسار وترسَّبات من مُخلّفات النظام النوفمبري التي تسْتَمْتع اليوم عند عرض صورة على شبكات التواصل الاجتماعي، التقطت لرجل فكر وسياسية بارز اضطر إلى العيش في المهجر، نكّل به بن علي أيّما تنكيل وروِّع أفراد عائلته واستولى على بيته. وهكذا يُلوّح بهذه الصورة “دليل” على تورّط مزعوم لهذا الرجل مع الحركة، بل يتفنّن هؤلاء بإزالة شخص رابع في نفس الصورة لمزيد التأكيد على ادّعائهم والتأثير على ذوي العقول الصغيرة بإيحاءات منافية للواقع.
المُتدثّر بأيّ قوة أجنبيّة عريان : شكّل مُنْعَرَج 2000 مرحلة فارقة حين تفاقمت أزمات النظام من قمع وتعذيب ومحسوبيّة وفساد اقتصادي… وبعد انتخابات سنوات 1989، 1994، 1999، تمّ تعديل الدستور سنة 2002 بإلغاء شرط تحديد الفترات الرئاسية بثلاثة لتمكين بن علي من الترشح للمرة الرابعة في 2004 (94.49%) ثم الخامسة سنة 2009 (89.62%) في انتظار السادسة !
تبلورَ تدريجيا استعداد أميركي للتعامل مع تلك الحركات وإدماج دورها في مخطّطاتهم التدميريّة. حينها أدرك بن علي أُولى إشارات الإنذار، وبدأ يُراجع حساباته ليبقى في الحكم بتصوّر إستراتيجيّة جديدة تتمثّل خطوطها العريضة في إعادة ربط القنوات مع قيادي حركة النهضة وإيجاد صيغة لاحتوائهم ومحاولة سحب البساط من تحت أقدامهم مع إظهار مُسايرة للسياسة الأمريكية ضمانا لاستدامته في الحكم. انعطاف بمقدار 360 درجة ! فأطلق صخر الماطري لحيته ولوّح بالسبحة وتحلّي بمظاهر التديّن، كما أطلق أيضا في خريف 2007 قناة تلفزيونية “الزيتونة” متخصّصة في الشؤون الدينيّة، ساهمت في ارتباك العقول وفي انتشار الفكر المُتطرّف وزادت الطين بّلة. وفي 16 فيفري 2009 تمّ إصدار رخصة إنشاء أوّل بنك “إسلامي” تونسي تحت مسمّى “بنك الزيتونة” وبطبيعة الحال على ملك الصهر. أسرعت حركة النهضة المحظورة في تونس بتهنئة صهر زين العابدين بن علي لتأسيسه أوّل إذاعة دينيّة، وقال راشد الغنوشي في بيان من لندن « يسرّ حركة النهضة أن تهنّئ رجل الأعمال السيد محمد صخر الماطري بتأسيسه لإذاعة الزيتونة لخدمة القرآن الكريم أوّل مشروع من نوعه في تونس ». وبعد مُدّة قصيرة من إصدار حركة النهضة لهذا البيان، تم تنظيم لقاء سرّي بين الصهر وراشد الغنوشي في لندن يوم 8 مارس 2008.
كان السّباق مع الزمن بالنسبة لبن علي. وكشفت برقيات دبلوماسية أميركية سرية نشرها موقع ويكيليكس ونقلتها صحيفة “Le Monde” الفرنسية أنّ المحيط العائلي للرئيس التونسي زين العابدين بن علي «أشبه بالمافيا» وان النظام التونسي «لا يقبل لا النقد ولا النُصح ». ويعلم الجميع اليوم ما آلت إليه الأمور. والمتدثّر بأيّ قوة أجنبية عريان.
عندما ينقلب السِّحر على السَحرة:
إنّ الأسباب الحقيقيّة التي أسهمتْ في استيلاء حركة النهضة على السلطة بداية من سنة 2011، تكمن في تبعات كَيْفِيّة التعامل التي انتهجها نظام بن علي مع ظاهرة الإسلام المؤدلَج، مِثْله مِثْل السّاحر المبتدئ. فهو الذي لعب بالنّار على مدى 23 سنة، تارة بعَنْجُهِيَّة مفرطة وغَطرَسة وتارة أخرى بالتواطؤ مع حركة النهضة في العديد من المُناسبات.
أما الباجي قائد السبسي فقد أعطى الضّربة القاضية ولعب دورا مُلتبسا ومُريبا في تيسير التوغّل المُخاتل للإسلام المُؤدلَج في الدولة وفي الحياة العامة. إذ أنّه بعد وعوده الانتخابية سنة 2014 عندما أكّد قائلا «خطّان متوازيان لا يلتقيان إلا بإذن الله، وإذا التقيا فلا حول ولا قوّة إلا بالله»، سقط في توافق مغشوش، حاملا لتعريف مختلف حسب كل طرف مُشارك في المَهْزَلَة-المأساة !
هذا العرض السريع للأحداث والوقائع يُبرز كيف تسلّل الإسلام المُؤدلَج، تصحيحا لما نُشاهده من اعتماد أساليب بتر الحقائق من سياقاتها. وليس هناك من شكّ في أنّ ما بقي من المُتعاطفين مع حركة النهضة بدوافع تلقائية سينتبهون هم أيضاً إلى الدّمار الذي ألحقته هذه العصابة الخطيرة بالبنية المجتمعيَّة وبالدّولة، فتُساهم في تطهير الساحة التونسية من أدران الإسلام المُؤدلَج ومَن معه من الانتهازيين.
* كاتب وخبير لدى منظمات دولية.
شارك رأيك