ذيل الوزير السابق للشغل فوزي بن عبد الرحمان تدوينته التي نشرها على حسابه الخاص بالفايسبوك اليوم السبت 5 جوان 2021 بقوله “هذا ما جال بفكري عند قراءتي لما قيل وهو ما كتبته بدون سابق اصمار و لو لم أخش من الإطالة لواصلت مجة اخرى على ذلك…”. جاء هذا كرد على ما سمعه عن رجل النهضة نور الدين البحيري وهو يسأل و يجيب في آن واحد، مساء أمس الجمعة في قناة قرطاج+ عن مصير تونس لو لم توجد بها حركة النهضة…
يكتب اذا فوزي بن عبد الرحمان بأسلوبه الأنيق و النافذ معا ما يلي:
“من الأقوال المأثورة لنورالدين البحيري :
“فقط تصوروا تونس بدون النهضة”.
سأحاول الإجابة الجدية على السؤأل.
أولا – بدون النهضة تونس ستبقى بلادا أغلبية أهلها يدينون بدين الإسلام. سيبقى نسبة من يؤدي شعائر الدين هي نفسها، ربما بزيادة طفيفة لكل من يرى أن الدين بدون توظيف سياسي أحسن و أصدق و أقل رياءا.
ثانيا- المزايدة بالدين أو ضده ستضمحل من الساحة العامة مما يجعل نقاشاتنا حول القضايا المعيشية الهامة تستحوذ على الإهتمام.
ثالثا- تتحرر الإدارة التونسية من التوظيف السياسي و بذلك نحقق ما توصلت إليه كل المجتمعات المتحضرة من عدم تسييس المرفق الإداري و جعله مرفقا يخضع لمبدإ وحيد و هو الكفاءة. و هذا التأثير وحده كفيل بربح نقاط هامة من المردودية لفائدة الصالح العام.
رابعا- تتحرر المساجد من تأثير السياسة و تصبح دورا خالصة للعبادة و الخشوع كما إرتضاها لها سبحانه و تعالى. أما دروس الدين فتخرج من التوظيف السياسي و الإنتداب السياسي بجعلهم في أماكن التعلم العمومي و الخاص. و تحرر دور العبادة من تأثير السياسة هو في صالح السياسة و في صالح الدين.. و إختيار الأئمة يصبح مستجيبا لقاعدة العلم و الكفاءة و ليس الولاء. و هذه الثقافة عندما تترسخ في العقول تجعل الفكر الديني متحررا من السياسي و تجعل من الأئمة شهداء حق بدون أن يقع إتهامهم بأي ولاء سياسي، و بذلك يسترجعون بعد مدة حريتهم في التعبير.
خامسا- لن تكون هناك غلبة للأدعياء ضد الدين أو التدين.. لان ذلك لن يكون له أي تأثير سياسي و لن يجعل من المسألة محل نقاش سياسي. لأنها مسألة قناعة شخصية.. و لن يجرؤ سياسي أو إعلامي عاقل أن يهاجم قناعات الناس. فالنهضة خلافا لما يقول البحيري لم تدافع عن دين جمهور الناس بل وضعته في حلبة صراع هو في غنى عنها.
سادسا- سيتطور الفكر و النقاش الفكري بدون توظيف سياسي للدين و بدون نظرة إخوانية و بدون صراعات دينية مستوردة و ستكون لديمقراططة تونس الريادة الفكرية لأنها بلد الحرية الفكرية و ستكون ملاذ المفكرين الذين لا يستطيعون الإصداح بفكرهم المعارض مع السلطان السياسي و ستصبح تونس محطة فكرية مزدهرة.
سابعا- سيرفع العقال عن القضاء – يا وزير العدل السابق – و سترفع القيود عن فكر القضاة بما يجعلهم يرفضون أي وصاية عليهم من أي جهة كانت.. و سيكون القاضي خاضعا لسلطان القانون فقط.
ثامنا- ستتحرر الثورة التونسية من الأدعياء عليها و ستسترجع بريقها الوطني و الجهوي بعيدا عن الشعارات الشعبوية.
تاسعا- ستكون لتونس سياسة خارجية واحدة و موحدة و سيكون مبدؤها خدمة الوطن أولا و آخرا و ستصبح النقاشات حول ذلك أكثر عمقا و أكثر عقلانية.
عاشرا- سينقص التلاعب المالي بالأصوات في الإنتخابات و ستصبح أكثر نزاهة و أكثر شفافية و سيتعلم المواطنون التصويت للأحزاب سياسية حسب أفكارهم و برامجهم و إجازاتهم و لذلك سيكتسب التصويت عقلانية أكثر.
الحادي عشرة- سيندثر أو يتغير كل من جعل من محاربة النهضة برنامج سياسيا و تكتسب الساحة السياسية عندها مقبولية أكثر و بها تنعدم ثقافة الحقد و الكراهية المقسمة للمجتمع.
هذا ما جال بفكري عند قراءتي لما قيل و هو ما كتبته بدون سابق إضمار و لو لم أخش من الإطالة لواصلت مدة أخرى على ذلك…”.
شارك رأيك