من النادر أن يعترف قادة النهضة بأخطائهم أو القيام بنقد ذاتي رغم ما أوصلوا اليه البلاد من أزمة خانقة على كل المستويات بعد 10 سنوات من السلطة.
و عندما يصدر الاعتراف بالأخطاء و النقد الذاتي من احدى القيادات الشابة للحركة فهذا يدل أن الأزمة بدأت تأخذ شكل صراع بين الأجيال.
و كتب البرعومي ما يلي في تدوينة نشرها بتاريخ الاربعاء 16 جوان 2021 على صفحته الرسمية بالفايسبوك:
“متى يتحرك الحزب الأول بما يليق بمقامه السياسي !
أزمة خانقة وعابرة لكل المجالات تكاد تعصف بكل ما تحقق من منجز سياسي طيلة العقد الأخير وبالكاد نرى تفاعلا مؤسساتيا عميقا يحيط بكل مسببات الازمة ويطرح خيارات واضحة كفرضيات للخروج منها وتجاوزها.
بعد أن فوتت كل الطبقة السياسية إمكانية بناء مؤسسات الجمهورية الثانية على أسس قيمية مواطنية تنسجم مع مضامين الثورة ( شغل، حرية، كرامة وطنية)، أصبحنا نبحث عن الحد الأدنى من التعاطي السريع والناجع مع حالة انسداد سياسي وعجز اقتصادي وتهميش اجتماعي/شعبي/شبابي.
رغم كل الأخطاء السابقة (بعضها لا يغتفر) من قبيل ترشيح السيد حبيب الجملي لتشكيل الحكومة إبان انتخابات 2019، وقبلها ترشيح الأستاذ مورو رئيسا للجمهورية في الربع الساعة الأخير من الساعة الأخيرة دون وضوح في الرؤية وكتعبيرة عن معركة تظيمية داخلية ضيقة، إلا أن الأخطار المحدقة بالمسار الديمقراطي(المتعثر والخاوي من المضامين الاجتماعية) تفرض تحملا استثنائيا للمسؤولية التاريخية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه التجربة.
تُحاصر الحركة بين فكي الشعوبية/الفاشية والغضب الشعبي في مقابل تراخي حكومي/ بيروقراطية حكومية، يؤكد عمق الخلل الذي أصاب الدولة التونسية منذ عقود.. ارجع غدوة السيستام طايح.
ولكن رغم هذا الحصار الخانق يتحرك الحزب الأول بأريحية مسترابة وخطاب فيه الكثير من الغرور والتعالي يفرض السؤال عن مدى وعيه برهانات الواقع وتحدياته؟
عن وعيه بعمق الازمة السياسية/الإجتماعية والفوارق الجديدة المحدثة؟
عن اغتيال الدولة لأحلام أهم فئة عمرية واجتماعية ومواجهتها بالماتراك والغاز المسيل للدموع عوض استثمارها كمحركات دفع للتغيير والإصلاح والبناء وفتح آفاق جديدة لدولة شبه متحللة وطبقة سياسية هرمة وتقليدية تعجز عن تنظيم حوار فيما بينها !!
الشعبوية وراءنا والبيروقراطية أمامنا والحركة أمام امتحان صعب يجب أن تتفاعل معه بما يليق بمقامها كحزب أول وبما يليق بمناضليها ومناضلاتها المحملين بخيباتهم وكفاحهم المتواصل.
أولا يجب إيجاد حل حكومي سريع مهما كانت التوافقات السياسية والوطنية دون الوقوع في شراك مشاريع الردة الشعوبية بالتوازي مع حوار سياسي تشريعي يفضي للإصلاحات الضرورية المستعجلة على مستوى القوانين الانتخابية واستحقاقات الهيئات الدستورية.
ثانيا يجب تقييم ومراجعة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية للحزب قبل أن يخلص أمره الى حارس ريعي جديد.
ثالثا يجب تحرير مضامين المؤتمر القادم حتى يكون التنافس على قاعدة الأفكار والبرامج ممثلة في تيارات حركية متنوعة على قاعدة الرؤية الفكرية المحسومة دستوريا”.
شارك رأيك