في التدوينة التالية التي نشرها أمس حول مشروع القانون الذي عرض على موافقة مجلس نواب الشعب و يخص اتفاقية بين الدولة التونسية و صندوق قطر للتنمية يرى الكاتب – وهو خبير في القانون الدولي – أن هذا القانون يعج بالتجاوزات القانونية الخطيرة و يمس بالسيادة الوطنية لتونس و يعطي لدولة قطر في تونس تسهيلات ما أنزل بها من سلطان. الاتفاقية هي في الواقع بين صندوق قطر للتنمية و عملائه في تونس من حركة النهضة الإسلامية… وكل من سيوافق عليها من النواب سيحاسب يوما على فعلته الشنيعة…
بقلم الصادق شعبان
أرسل لي الصديق فوزي بن عبد الرحمان نسخة من الاتفاقية بين تونس و صندوق قطر للتنمية… شكرا له … كان من المفروض ان يكون مجلس نواب الشعب وضع نص الاتفاقية على موقعه لاطلاع الشعب. ليس هناك ما نخفي : أليست هذه ديمقراطية و شفافية اليوم؟
الاتفاقية تثير الاستغراب… لو كنت نائبا في المجلس لطلبت من وزير الخارجية المقارنة مع اتفاقيات مماثلة… ربما أفضل المقارنات تكون مع الوكالة الفرنسية للتنمية… لأن للوكالة و للصندوق نفس الشكل القانوني (مؤسسة عمومية أجنبية)… و لأن فرنسا لها أهمية لتونس و نبحث دائما عن إرضائها و لا أعتقد أن أهميتها تقل عن أهمية قطر…
1 : هذه الاتفاقية يجب أن توقع بين الدولتين، تونس و قطر، و ليس بين تونس و وكالة عمومية وطنية (الصندوق) مهما كانت منافعه… لما توقع دولة مع مؤسسة عمومية أجنبية لا يسمى العقد اتفاقية دولية ، أو معاهدة، و لا يجوز له الاستثناء من التشريع (منح إعفاءات و امتيازات ) و لا يعرض أصلا على البرلمان…
2 : يجب أن ينص مطلع الاتفاقية على أن القانون الوطني هو الذي يطبق، و أن الإعفاءات و الامتيازات الممنوحة هي لغرض تيسير الانتصاب و العمل خدمة للأغراض المدرجة في الاتفاقية ،
3 : لا يمكن أن تعطى للصندوق حصانة قضائية و إنما يخضع للقضاء الوطني، مع إمكانية عرض الخلافات ذات الطابع التجاري دون سواها على التحكيم ،
4 : لا يجوز أن تلتزم الدولة بمقتضى الاتفاقية بحماية أمنية خاصة للصندوق المقر و الموظفين، و إنما تتمتع بالحماية حسب الإجراءات المعمول بها في الدولة لمؤسسات مماثلة ،
5 : لا يجوز أن تنص الاتفاقية أن على الدولة عدم إصدار تشريعات أو اتخاذ تدابير تضر بالصندوق (الفصل 7 فقرة 10) فليس للصندوق و لا لقطر مصادرة حق تونس في تغيير تشريعاتها و إنما للصندوق حق التعويض فقط…
6 – يجب أن يكون في الذهن دائما أن في هذا المجال تطبق قاعدة المعاملة الأكثر تفضيلا، و كل امتياز مشط ينتفع به آخرون مباشرة.
هذا بعض ما أرى… أقوله بنزاهة دون تحامل… حان الوقت لاسترجاع بعض كرامتنا… حان الوقت للكف عن اللخبطة القانونية أو التلاعب بالقانون… لا هكذا توضع الاتفاقيات و لا هكذا يسير البرلمان…
أستاذ قانون دولي ووزير سابق للعدل.
شارك رأيك