ديوان الحبوب اختار عدم الرد على تقرير المرصد بخصوص “الخطر الذي يتهدد البلاد بانقطاع الخبز في آخر شهر جويلية” بصفة مباشرة، ورد عوضا عن ذلك على مقال نشره موقع الكتروني نقلا عن مرصد رقابة.
وجاء رد الديوان ليؤكد وجود الخطر الذي حذرنا منه رغم لغة المواربة، ورغم الخلط المقصود بين الارقام المتعلقة بالقمح اللين الكارثية وتلك المتعلقة بالقمح الصلب الحسنة نسبيا.
مرصد رقابة اكد أن المخزون الحالي من القمح اللين المستعمل لإنتاج فارينة الخبز يكفي لحدود آخر شهر جويلية، في حين أن الديوان أشار في بلاغه إلى أنه يكفي لحدود منتصف أوت. وأضاف أن المخزون المتوفر يناهز 1,4 مليون قنطار، وهو رقم يتضمن مقدار صابة 2021 كاملة، ليس فقط التي تم تحصيلها (200 الف قنطار) وانما أيضا الصابة المتبقية المتوقعة (قرابة 200 الف قنطار).
كما أنه أقل ب600 ألف قنطار من المخزون الاستراتيجي المفروض توفره بشكل متواصل حسب الوثيقة المرفقة. تلك الوثيقة تؤكد أن ال75ألف طن موضوع الاقتناء خلال شهر أفريل المفروض انها تكون قد دخلت مخازن الديوان ستمكن من تغطية اضافية لحاجيات البلاد الى أواخر شهر أوت، وذلك دون اعتبار الصابة المحلية وباحتساب المخزون الاستراتيجي، في حين أن بيان الديوان أكد أن المخزون بتاريخ 30 جوان يقدر ب 1.4 مليون قنطار. وبالتالي يكون الفارق في حدود مليون قنطار (شحنات لم يتم استلامها).
المرصد قال إنّ الديوان اجتمع بالمطاحن الكبرى وأعلمها بقرار التقليص من الكوتا ب70٪ والديوان لم ينف. المرصد قال إنّ الديوان لديه صعوبات كبرى في تمويل الشراءات الجديدة وأن البنك الوطني الفلاحي الممول الرئيسي للديوان يرفض فتح اعتمادات مستندية جديدة، والديوان يقول إنّه فتح باب التعامل مع بنوك وطنية عمومية جديدة قبلت تقديم الدعم المادي لديوان الحبوب.
وبخصوص تأكيد مصالح الديوان أن هناك 0,75 مليون قنطار في طور الإنجاز بعد فتح اعتماداتها المستندية، فان مصادرنا تؤكد أن الأمر يتعلق بمجرد وعود مازالت لم تتحقق.
مرصد رقابة حقق غايته كاملة من نشر التقرير الصادم بخصوص خطر انقطاع الخبز نهاية هذا الشهر. ووضع على الطاولة ما يحاول بعض مسؤولي ديوان الحبوب ووزارة الاشراف اخفاءه على التونسيين. وحرك سواكن أولئك المسؤولين للبحث عن حلول لأزمة هيكلية متواصلة ومتصاعدة بسبب غياب الاستشراف وانعدام الرؤية الاستراتيجية وضعف الحوكمة والارتهان للوبيات خارجية وداخلية نافذة.
المرصد وضع على الطاولة أيضا تدهور منظومة التمويل العمومي والسياسات الفاشلة للبنوك العمومية وعلى رأسها البنك الفلاحي الذي يتشدد في التعامل مع المؤسسات العمومية ومنها الديوان مقابل التساهل مع عدد من الشركات والخواص النافذين بنسب فائدة منخفضة ودون ضمانات.
المرصد طرح اشكالية حقيقية مرتبطة بالامن القومي الغذائي ومتعلقة بكيف تقبل حكومة ودولة وشعب أن يظل تزويد السوق بالمادة الاساسية الاولى في غذاء التونسيين مرتبطا بصفة كلية بالتوريد، في حين أن البلاد قادرة على الوصول الى الاكتفاء الذاتي في القمح اللين في ظرف سنوات معدودة متى توفرت الارادة السياسية وروح السيادة والتحدي لنفوذ اللوبيات الخارجية.
المرصد في النهاية يقوم بواجبه في اعلام الرأي العام والضغط على أصحاب القرار، معتمدا منهجية “العلاج بالصدمة” ومستندا الى معطيات وأرقام مؤكدة بعد تقصٍ معمق. والكرة الان عند المسؤولين لتدارك الأمر واتخاذ القرارات اللازمة قبل فوات الاوان.
سيواصل المرصد متابعته الحثيثة للموضوع، سيما في ظل توفر معطيات تفيد بنية الديوان تسديد الحاجيات المطلوبة عن طريق آلية الشراءات الفورية achats spots وهي آلية مكلفة ولا تضمن الجودة المطلوبة.
شارك رأيك