في الوقت الذي كثرت فيه التأويلات من هذا الشق او من ذاك، من مع و من ضد، و بعد تصريحات عبد الكريم الهاروني الذي يطالب بالتفعيل قبل يوم 25 جويلية المتزامن مع عيد الجمهورية (و مع ذكرى اغتيال الشهيد البراهمي في 2013)، نشرت فتحية السعيدي الدكتورة في علم الاجتماع تحليلا على صفحات التواصل الاجتماعي حول التعويضات و صندوق الكرامة و عادت لحظة بلحظة حول الامر الحكومي و الميزانية و حول التكليف غير الرسمي لعبد الرزاق الكيلاني لرئاسة لجنة صندوق الكرامة بتدخل مباشر للنائب يمينة الزغلامي…
في ما يلي ما نشرته فتحية السعيدي:
“بخصوص التعويضات وصندوق الكرامة وكشفا للعبة النهضة في هذا الظرف الدقيق الذي تعيشه بلادنا الأمر الحكومي الخاص بصندوق الكرامة، صدر في 2018 (وهو المرسوم عدد 211-2018)، وبموجب هذا المرسوم تضخ الدولة 10 مليارات… والباقي هبات من المنظمات الدولية، وعلى الدولة تقديم برنامجا تنفيذيا لمخرجات العدالة الانتقالية التي لا تتضمن التعويضات فحسب بل اصلاح المؤسسات في وزارتي العدل والداخلية وذلك لضمان عدم تكرار الانتهاكات.
ولقد تمّ تقدير حجم ميزانية الصندوق بـ 3000 مليار بما في ذلك ال 10 مليارات الأولى التي على الدولة توفيرها من ميزانيتها على أن تتكفل بتجميع بقية الرصيد بالتوجه للمنظمات الدولية، وإدراج الأموال المستوجبة للصندوق في ميزانية الدولة على امتداد الفترة التي ينفذ فيها مسار استكمال العدالة الانتقالية وهي 6 سنوات.
24 جوان 2020 هو تاريخ صدور تقرير هيئة الحقيقة والكرامة في الرائد الرسمي الذي يمنح للدولة التونسية مدة سنة لتقديم برنامجها التنفيذي لمسار العدالة الانتقالية (وهو برنامج يتضمن مسألتين: 1. إصلاح المؤسسات لضمان عدم تكرار الانتهاكات، علاوة على ضبط استراتيجية لضح الأموال في الصندوق وطرق جلبها. 2. صرف التعويضات حسب الأولويات الاجتماعية للمتضررين.
الإشكاليات بعلاقة بهذا الموضوع:
1. الحكومة لم تقدم برنامجا تنفيذيا في مخرجات العدالة الانتقالية التي يجب أن تعرضه على البرلمان.
2. حسب توصيات تقرير هيئة الحقيقة والكرامة، البرلمان يجب أن يشكل لجنة لمراقبة تنفيذ البرنامج التنفيذي ويكون فيها أعضاء من المجتمع المدني… (البرلمان لم يشكل هذه اللجنة والحكومة لم تقدم البرنامج التنفيذي الذي يتضمن استراتيجية كيفية ضخ الأموال وجلبها.)
3. خلال فترة حكومة الفخفاخ، تمّ تعيين حياة الورتاني على رأس لجنة صندوق الكرامة ولكن النهضويون رفضوها وتمّ إحالة ملف الصندوق إلى الهيئة العليا لشهداء وجرحى الثورة والمقاومين وضحايا الإرهاب وإضافته إلى مهامها، وتم ذلك، بموجب رسالة تكليف لعبد الرزاق الكيلاني وبتدخل من يمينة الزغلامي، ولكن الناشطون في المجتمع المدني رفضوا ذلك واعتبروا أن فيه تضارب مصالح وتقدموا بشكاية للمحكمة الإدارية.
4. عبد الرزاق الكيلاني الذي أصبح يرأس لجنة الصندوق بموجب رسالة التكليف، هو نفسه تقدم بشكاية للمحكمة الإدارية ليبّت في تعيينه لأن التعيين بقي بشكل غير رسمي (أي بموجب رسالة تكليف)
5. التعويضات تستثني النهضويين الذين تحمّلوا مسؤوليات في الدولة ولذلك، الغنوشي ومن معه، ليسوا متحمسين كثيرا ويبحثون عن مخرجات أخرى ولكنهم يستغلون هذا الملف سياسيا للضغط على رئاسات الحكومات المتعاقبة، بدء بالشاهد الذي أصدر الأمر وصولا للمشيشي اليوم
6. نأتي الآن، للآجال التي تمّ تداولها للضغط (أي موفي شهر جويلية). هي آجال مرتبطة بتاريخ نشر تقرير هيئة الحقيقة والكرامة في الرائد الرسمي (أي 24 جوان 2020). فالتقرير منح مدة سنة للحكومة لكي تقدم برنامجها التنفيذي الذي ذكرته آنفا، بمعنى أن الآجال القانونية هي 24 جوان 2021 ولكن عبد الرزاق الكيلاني طلب مدة شهر إضافي يمتد الى موفي شهر جويلية بدعوى أن الحكومة لم ترسل له أسماء المشمولين بالتعويض والحال أن كافة الأسماء المشمولة بالتعويض موجودة على الصفحة الرسمية لهيئة الحقيقة تحت عنوان:
– السجل الموحّد لضحايا انتهاكات حقوق الانسان والاعتداء على المال العام المودعة لدى الهيئة والتي ثبت فيها صفة الضحية (وهذه مراوغة كبرى) رابط القائمة موجود أسفله في التعليق خروج الهاروني وبعده البحيري للمطالة “بتفعيل القانون” وربطه بالأجل الذي طلب عبد الرزاق الكيلاني تمديده بشهر هو للمسائل التالية:
– أولاّ، للضغط على المشيشي الذين بدأوا في الإعداد لمن يخلفه إذا لم يرض بإقالة مدير ديوانه وتعيين مجموعة من المستشارين له في القصبة يكونون من بين من يقترحهم عليه حزامه السياسي (النهضة والكرامة وقلب تونس) وهؤلاء المستشارين هم برتبة وزراء في بلد يعيش عجزا في الميزانية. (انظر حوار الهاروني ليلة أمس على قناتهم الزيتونة). وإثارة صندوق الكرامة هو للتغطية، لأن الأمر الحكومي الذي أصدره الشاهد (المذكور أعلاه) ربط فتح الصندوق بإمكانيات الدولة. (الدولة مطالبة بضخ 10 مليارات للصندوق ويتم تضمينها في الميزانية، إذا توفرت لديها الإمكانيات). سي الهاروني، ليلة أمس، وهو يطالب بتعيين المستشارين الحزبيين في القصبة أشار إلى أن المستشارين الإداريين تغيب عنهم أشياء ذات طابع سياسي وبأنه تنقصهم الخبرة في الإعداد للميزانية، بما يعني أنه لو وجد مستشارون حزبيون سيتم ادراج تمويل الدولة لصندوق التعويضات. وهذه النقطة الأساسية لهذا الخروج وهذا الضغط (اللي يهمهم هو التمكين)
– ثانيا، هو خروج كمحاولة لتهدئة القواعد المطالبة بالتعويضات التي تتهم القيادات النهضوية بأنها لا تدافع كفاية عنها وعن مستحقاتها من التعويضات لأنه قد تم استثناء تلك القيادات من التعويض لكونها قد حصلت على مراكز ومنافع من الدولة. وتبلغ نسبة المطالبين بالتعويض من النهضويين 90 بالمائة، وهذا ان لم تكن النسبة أكثر من ذلك والقائمة موجودة ومنشورة ويمكن لمن يرغب ان يطلع عليها خلاصة القول:
– إثارة موضوع التعويض الآن في هذا الظرف الذي تعيشه البلاد هو انحدار أخلاقي هذا بالإضافة لكونه ورقة سياسية للضغط على المشيشي لكي يلبي طلبات حزامه ويستغني على مدير ديوانه ويعين وزراء مستشارين حزبيين في القصبة وهو محاولة أيضا، لإرجاع القواعد للحاضنة وتسويفهم (عيش بالمنى يا كمون)
– في الظاهر، الدفاع عن موضوع العدالة الانتقالية يندرج في مجال حقوق الإنسان (وهو موضوع حقوق إنسان) ولكن في الأصل هو ورقة ضغط سياسية وورقة تعبئة وتأليب
– الدولة تتسول لكي تجلب التلاقيح وهي مطالبة من النهضة وأنصارها أن تتسول أيضا وتجلب آلاف المليارات للتعويض إضافة لتدبرها لعشرة مليارات من ميزانية الدولة
– الآجال الذين يتحدثون عنها، أي موفى جويلية، ألا يمكن أن تمدد؟ ثم هي آجال مرتبطة بضرورة تقديم برنامج تنفيذي تعده الحكومة وينظر فيه البرلمان ويصادق عليه ويتم تعيين لجنة من البرلمان مع أعضاء من المجتمع المدني لمراقبة التنفيذ. فهل هذا البرنامج سيكون جاهزا في موفى هذا الشهر؟ ومن هنا نتبين المغالطات الكبرى التي تروج…
– تنسى النهضة واتباعها بأنه بإخراجها هذه الورقة الان وفي هذا الظرف بالذات الذي تحصد فيه أرواح لتونسيات وتونسيين جراء الوباء، هي بصدد فقدان مزيدا من مصداقيتها ولكن موضوع المصداقية لا يهمها وكل ما يهمها هو البقاء في السلطة وتعيين المستشارين الحزبيين وتكوين حكومة حزبية لغاية مزيد من التمكين.
بئس طبقة سياسية متاجرة بكل القضايا وساعية لمزيد اقتسام الكعكة وهمها الوحيد هو التمكين ثم التمكين وبعده التمكين”
شارك رأيك