إقالة المشيشي لوزير الصحة فوزي مهدي في هذا الوقت تعطي إشارات قوية بأن رئيس الحكومة التونسية إنما لجأ إلى هذا القرار ليبعد عنه الاتهامات التي طالته والفشل الذريع في إدارة البلاد في هذه المرحلة الدقيقة والتاريخية، وعدم اهتمامه بصحة التونسيين، ففي الوقت الذي بدأ الفيروس يستعر في البلاد والتونسيون يعانون من ويلاته نجده يستمتع في أحلى الفنادق في الحمامات.
بقلم فوزي بن يونس بن حديد
لم يكن رئيس الحكومة التونسي السيد هشام المشيشي رجل دولة بامتياز حينما أسند فشله في التعامل مع جائحة كورونا إلى وزير الصحة السيد فوزي المهدي فأقاله من منصبه وليحمله وحده المسؤولية في مواجهة الفيروس في وقت كانت تونس تعاني من موجات شرسة من المتحور دلتا الهندي الذي دخل البلاد دون استئذان وأوقع العديد من الإصابات والوفيات، وتسبب في كارثة إنسانية وصحية واقتصادية لم تشهدها البلاد، فلجأت على إثرها تونس إلى إطلاق حملة دولية لطلب المساعدة، واستنجدت بأشقائها وأصدقائها في العالم للإنقاذ ومدّ يد المساعدة فهبّت كثير من الدول العربية والغربية للمساعدة من باب التعاون والتكاتف لتجاوز هذه المحنة العظيمة، ولولا لُطف الله بهذه الدولة الضعيفة لهلك الكثير والكثير من التونسيين جراء الإهمال الطبي وعدم توفر الإمكانات وعدم التخطيط الجيد لمواجهة هذا الفيروس، وربما عدم تقدير خطورة هذا المرض في هذه المرحلة الحساسة، وهذا كان سببا مباشرا لما وصلت إليه تونس اليوم من تردٍّ كبير في الجانب الصحي.
رئيس الحكومة يستمتع في أحلى الفنادق في الحمامات
إقالة المشيشي لوزير الصحة في هذا الوقت تعطي إشارات قوية بأن رئيس الحكومة التونسية إنما لجأ إلى هذه الإقالة ليبعد عنه الاتهامات التي طالته والفشل الذريع في إدارة البلاد في هذه المرحلة الدقيقة والتاريخية، وعدم اهتمامه بصحة التونسيين، ففي الوقت الذي بدأ الفيروس يستعر في البلاد والتونسيون يعانون من ويلاته نجده يحتفل مع إذاعة شمس اف ام ولا يبالي، وفي الوقت الذي كان التونسيون يشكون العالم أنهم يواجهون كارثة حقيقية ويطلبون المساعدة الدولية ويطالبون بالتدخل السريع لكبح جماح الفيروس نراه يستمتع في أحلى الفنادق في الحمامات.
فمن هو الفاشل في الحقيقة؟ هل المشيشي أو المهدي، أو كلاهما؟ وماذا فعلت الحكومة التونسية لمواجهة هذا الوباء في موجته الحالية، كان الأمر أشبه بتمثيلية أو مسرحية قام بأدائها المشيشي وحكومته الرديئة، التي لم تفعل شيئا ولن تستطيع أن تفعل شيئا إلا أن تُصدر قرارات جوفاء وعرجاء لا تنسيق فيها بين جميع الإدارات التونسية المعنية، و تفسير هذا أن هذه الحكومة تعيش ضربًا من التخبط والفوضى السياسية التي لم تشهدها البلاد، على أن المشيشي هو من ينبغي أن يقدّم استقالته للتونسيين ويعتذر منهم أنه قصّر في حقهم، ويترك منصبه لمن يريد أن يخدم تونس وشعبها بوطنية وضمير مهني، لا بحسابات مادية ضيقة ومصالح ذاتية بحتة، ولكن الذي حدث أن السيد رئيس الحكومة حاول أن يهرب من فشله الذريع ويهرب من المحاسبة والمحاكمة إن اقتضى الأمر ذلك عبر قراره المفاجئ بإقالة وزير صحته وتحميله المسؤولية الكاملة لما وصلت إليه الأوضاع الصحية في البلاد.
المشيشي هو من ينبغي أن يقدّم استقالته ويعتذر للتونسيين عن فشله الذريع في خدمتهم
وأين الأحزاب السياسية التي تزعم أنها تخدم البلاد؟ لماذا لم تناد بإقالة المشيشي إلى حدّ الآن وهو المتسبب الأول في ما حدث لها والفاشل الأول في إدارتها منذ اليوم الأول في حكومته، والشخصية غير المستقرة وغير الثابتة في قراراتها، هذه الأحزاب التي تحكم البلاد الآن إنما تحكمها وفق مصالحها ولا ترى الشعب التونسي ولا تهتم بأحواله كلها لا الصحية ولا الاقتصادية و لا الاجتماعية، تركته للذئاب يتقاسمون غنائمهم على آلامه وهو يعاني أشد المعاناة، ألا تخاف هذه الأحزاب من انقلاب الشعب عليها في جميع الأحوال وفي أي وقت من الأوقات؟ لماذا تدعي هذه الأحزاب الوطنية وتُقسم على الشرف وتنشد النشيد الوطني الذي يحمل النخوة والوطنية والرجولة في وقت الأزمات ولا تفعل شيئا في الواقع؟
ما يحدث في تونس هو العجب العجاب بعينه، وأعتقد يقينا أن هذه الحكومة تنتحر، أو بدأت تفقد الأمل وتفقد ثقة التونسيين، بل يزداد منسوب عدم الثقة يوما بعد يوم، وأنصح المشيشي أن يستقيل اليوم ما دام الأمر بيديه، خوفا من أن يأتي يومٌ ويقال فيه ذليلا، فهو لم يقدم شيئا لتونس، بل لعبت به الأحزاب المسيطرة على البرلمان كالدمية في يد طفلة تسيّرها كيفما تشاء وتقذف بها متى تريد وعندما تمل منها وترميها في سلة المهملات تبحث عن دمية أخرى أجمل وأفخر لتستمتع بها.
على الرجال أن يقفوا بحزم ضد هؤلاء الفاشلين الذين سيحولون البلاد إلى ركام
ويزداد يقيني بأن هذه الحكومة ستكون مثل الحكومات السابقة، مآلها الاندثار والبحث في المجهول عن مجهول آخر يمسك الحكم في البلاد رغم أن الدولة تزخر بالكفاءات، فلا أدري لماذا يركزون على رجال لا يحملون صفة الوطنية في البلاد ولا يغارون على مؤسساتها، ولا يحسبون للشعب أي حساب، ألهؤلاء قلوب يشعرون بها ويتحسسونها كل يوم أم ماذا؟
على الدولة أن تستفيق، وعلى الرجال أن يقفوا بحزم ضد هؤلاء الفاشلين الذين سيحولون البلاد إلى ركام، وكل من يعبث بمقدرات البلاد من وراء ستار عليه أن يُري الناس وجهه القبيح، ويخرج من التحكم في سياسة البلاد لخدمة مصالحه ومآربه، وعلى الشعب أن ينهض بعد كل هذه المعاناة ويطالب بحقوقه ويقوم بواجباته، فالوقت يضيع.
شارك رأيك