كتب الوزير السابق فوزي بن عبد الرحمان اليوم الخميس 29 جويلية 2021 منشورا فايسبوكيا توجه من خلاله الى “قيادات النهضة التي لم تجد قراءة ما حدث”، و يؤكد لها أن ما نشره “ليس موجها الى كهنة المعبد و لا الى ذبابهم بل الى العقول التي تستطيع أن تستوعب”، راجيا “أن تكون موجودة لأن حروب الاسلام السياسي مع أنظمتها و مع شعوبها لا بد ان تنتهي يوما. و لن تنتهي إلا بالفكر”، وفق تعبيره.
و في ما يلي المنشور:
“و لو كان حزبا حقيقيا ديمقراطيا لكان مستشرفا للإنفجار الإجتماعي الذي وقع لأن كل المؤشرات كانت موجودة بطريقة موضوعية. لم تُجد النهضة قراءة التظاهرات ضدها قبل يوم الأحد و لم تجد قراءة ردة فعل الشعب بعد قرارات رئيس الدولة و هي لا تجيد ذلك إلى اليوم.
القول بالإنقلاب و في نفس الوقت الدعوة للحوار هو قمة للتناقض في المنطق الجدلي فالكلمتان لا يمكن أن تلتقي في موقف واحد.. و مردّ ذلك هو عدم إستيعاب هذه اللطخة الشعبية و رفض إستيعابها كلحظة فارقة ضد حزب النهضة كما كانت لحظة جانفي 2011 لحظة فارقة ضد نظام بن علي.
ثقافة التقييم و مراجعة النفس ليست جزءا من الثقافة العربية.. و هو قاسم ثقافي مشترك و لكن ما يميز حزب النهضة منذ نشأتها هو عقلها المحدد في إعتبار الدولة غنيمة حرب و في إعتبار القبيلة و العشيرة شعبا مفضلا و في إعتبار السياسة حربا على السلطة، الغاية منها الحكم. و الغاية لا تبرر الوسيلة فقط بل تلغيها تماما أخلاقيا و قانونيا و إجتماعيا.
الإستقواء بالخارج جريمة في حق الشعب و لن تمر كذلك.
اللجوء إلى العنف لن يغير من واقع الأمر شيئا و هو جريمة في حق الشعب كذلك.
الحكمة تقتضي أن تراجع هذه الحركة سياساتها بفكر سياسي جديد و بجيل جديد يقطع مع الفكر السياسي الذي لم يستطع أن يتعايش مع الديمقراطية في جل البلدان و خاصة فيما يخص : علاقة العداء مع الدولة، مفهوم الأمة، هيمنة الإرث الإخواني التكفيري، مراجعة التحرك السري للحركة، مراجعة مصادر تمويلها و أخيرا مراجعة سياسات التمكين و الغنيمة للقبيلة.
تعامل حزب النهضة مع الثورة هو تعامل إنتهازي. فهي لا تحمل مضامينها و لا قيمها و لا أهدافها. و هي لا تعدو أن تكون إلا قوة تعديلية مع نفس المصالح الفئوية و الجهوية و الأمنية و الإدارية و الريعية و المالية والزبونية التي كانت ركائز المنظومة الإستبدادية السابقة.
لم أرى و لم أقرأ إلى اليوم أي مجهود فكري حقيقي لهذه المراجعات العميقة و لا حتى من طرف القيادات التي تجرأت و إستقالت من حركة الجماعة، و الكلام على الإختصاص و تفريق الدعوي عن السياسي و الذي لا يعبر فعليا على مراجعات حقيقية فكرية عميقة بقي في الواقع مجرد شعارات على أوراق مؤتمر لم تنشر.
هذا المنشور ليس موجها إلى كهنة المعبد و لا إلى ذبابهم بل إلى العقول التي تستطيع أن تستوعب و أرجو أن تكون موجودة لأن حروب الإسلام السياسي مع أنظمتها و مع شعوبها لا بد أن تنتهي يوما. و لن تنتهي إلا بالفكر.
منشوري هذا موجه كذلك لكل من يحمل مشروعا مخالفا للإسلام السياسي بالقول أن هذه الحركة المتماسكة في ظاهرها تحمل عديد التناقضات في داخلها و هي لا تتماسك إلا بالخوف من الرجوع إلى مربع القمع.. و الأهم أن قوتهم الظاهرة ما هي إلا تعبير عن ضعفنا و عدم قدرتنا إلى اليوم على إيجاد خيار شعبي حقيقي يحمل مشروعا وطنيا متوجها إلى المستقبل”.
شارك رأيك