في تونس نقول “لا يمكن فتح الأبواب المفتوحة”، قول ينطبق على البرلمان التونسي، فهو في نظر التونسيين من الساسة والمجتمع المدني في عداد المحلول المتحلّل الفاقد للشرعية مذ تحول إلى حلَبة و جلَبة و غلب على مداولاته و عمله الهرج و المرج، عندها سقط سقوطا مدويا، و أضر بصورة تونس في الداخل و الخارج، و شوّه الديمقراطية.
بقلم توفيق زعفوري
قالوا أن ما يحدث فيه سبق أن حدث في أعتى الديمقراطيات، وهو ظاهرة صحية، و الأحسن التراشق و التشابك بالأيدي، بدل التراشق و التشابك بالرصاص، قلنا فليكن، على أمل أن تتوضح الصورة وبقلم تتحسن حتى زادت درجة العفن وسألت فيه دماء وأصابه الشلل في التسيير و التدبير وأضحى عبءً على الديمقراطية و السلم الأهلي و يجب التخلص منه برجةّ قوية مزلزلة بعد 25 جويلية الماضي، تحول إلى التجميد شكلا و مضمونا و تداعى بعض نوابه إلى قصور العدالة في اتهامات لهم متنوعة و مختلفة، و سيق البعض منهم إلى السجون.
سياسيا و شعبيا، لم تعد للبرلمان أي مشروعية و أي مصداقية
البارحة، الإثنين 2 أوت 2021 يؤكد الناطق الرسمي باسم القطب القضائي و المالي محسن الدالي، أن الأيام القادمة ستفتح فيها ملفات من الحجم الثقيل و ستتدحرج تبعا لذلك رؤوس كبيرة إلى المحاكم باتهامات ثقيلة من قبيل خيانة مؤتمن و تبييض أموال وتحيل، إضافة إلى تورط أكثر من 30 نائبا في قضايا شيكات بدون رصيد، و أن تحدد في شأن البعض منها موعد للنظر فيها، و إذا اعتبرنا الحالة المَرَضية لرئيسه و القضايا الملاحق فيها منذ سنوات و ما ستسفر عنه الأيام القادمة من إستقالات، وقد بدأت في بعض الأحزاب من الحزام الداعم للحكومة السابقة، فإن زلزال 25 جويلية الماضي قد أحدث حضيرة في البرلمان و في الكتل المكونة له على نحو دراماتيكي غير متوقع، ناهيك عن نداءات التونسيين المتكررة بضرورة حلّه لا تجميده فقط، فإنه سياسيا و شعبيا، لم تعد للبرلمان الحالي أي مشروعية و أي مصداقية، صفتان إذا فقدتا في أي مؤسسة فمن الضروري حلها أو إعادة بنائها على نحو غير تقليدي.
نحتاج إلى مؤسسات فاعلة وإلى خارطة طريق توضح الرؤية
نحن ذاهبون إلى خيار حل البرلمان بشكل أو بآخر و إلى إعادة التفويض إلى صاحب السيادة في أي استحقاق قادم، كما طالب الشعب برلمان تونسي في اوائل القرن الماضي، هاو اليوم يطالب بحله قبل أن ينفرط قضائيا لكن مشكلتنا ليست في البرلمان فقط، بل في غول الفساد الذي استشرى منذ سنين و تغوّل و اقتلاع و تفكيك منظومته أمر صعب و يستهلك طاقات القضاء و البلاد بشكل كبير و يحتاج شرفاء كثر في القضاء و المحاماة و المجتمع المدني و قرارا سياسيا شجاعا و ضمانة لعدم عودته مطلقا بأي شكل.
نحن اليوم نحتاج إلى مؤسسات فاعلة، إلى خارطة طريق توضح الرؤية و تنهي حالة الإستثناء و تذهب بنا الى وضع أفضل… فقط وضع القطار على السكة و سينطلق بإرادة التونسيين الشرفاء الوطنيين، فهذا الوطن يستحق أكثر من الدماء.
عاشت تونس حرة منيعة أبد الدهر…
شارك رأيك