الشاعر الشعبي الكبير لزهر الضاوي ابن قفصة الأبية يروي في هذه التدوينة ما شاهده و عايشه خلال الأيام الثلاثة الفائتة في مدينة المنستير من مشاهد الفرح و الغبطة و الاستبشار بنهاية منظومة الفساد بقيادة حركة النهضة الإسلامية و ديمقراطيتها المغشوشة.
بقلم لزهر الضاوي
قضيت ثلاثة أيام في المنستير احتفاء مني و ابتهاجا ب”انقلاب” الشعب على “الأخطبوط الإخواني”… في المنستير وجدت أناسا أكثر استبشارا مني بما حدث… السعادة الغامرة بادية على الوجوه التي غابت من عليها الكمامات وكأنما كانوا يرتدونها احتماء من حركة النهضة لا من فيروس الكورونا…
على شاطيء البحر أصوات المصطافين تتعانق مع صوت الأمواج في سمفونية فرح أجمل من تلك التي ألفها بيتهوفن… نبراتها وحدها تغنيك عن كل قواميس الدنيا ومعاجمها…
في “مرشي الحوت”… الحوت يبتسم ملء شدقيه على رفوف الباعة… إلى درجة أنه أغواني ب”التطاول” على شراء قسط من “الكروفات”… البائع سعيد جدا وتقاطعت سعادته مع سعادتي … فزادني بعد إتمامه لعملية الوزن “حفنة بلّوشي”… وأردفها ب”كمشة” أخرى وهو يبتسم! حينها انتابتني لحظة عرفان لعبد الكريم الهاروني”… نعم للهاروني “القادح” لكل ما نحن فيه من انشراح وبهجة في هذه الأيام حرمنا منها طيلة عشر سنوات…
البحر يبتسم صباحا لأشعة الشمس المتلالئة… عضّة “الحريقة” في طعم السكر أو كما قالت داليدا في إحدى أغانيها “comme une caresse”… العلم الأحمر يرقص نشوانا في أعلى الرباط وهو يناجي البحر… المقاهي الساحلية على الكورنيش تعج بالرواد ليلا… أطفال شباب كهول شيوخ وكأنهم هرعوا جميعا لتدارك ما فاتهم في سنوات الغبن… ذ
حانت ساعة العودة إلى المنزل فغادرت المقهى… أصريت على أن أسلك هذا الشارع المسقوف بالأشجار كي أودعها وأشكرها على كرم الضيافة … ثلاثة أيام مرت كأنها الحلم. اليوم الأحد غادرت المنستير فجرا… ومع أشعة الشمس الأولى تراءت لي على طول الطريق طوابير طويلة خلتها طوابير العيد أو “الزردة” فإذا بها طوابير من المواطنين المتوجهين نحو مراكز التلقيح تأكيدا منهم على إرادة الحياة و في رفض واضح لثقافة الموت التي حاولت أن تفرضها عليهم “العصابة” على مدى عشر سنوات عجاف…
أما في المنستير ومع حلول المساء فقد “بلغني” أن العلم المثبت فوق الرباط دخل في محاورة مع البحر… العلم ينفي فيها للبحر نفيا قاطعا ما تلفظ به “شيخهم” وما ادعاه حول قرب زحف نصف مليون تونسي دفعة واحدة لاكتساح الضفة الشمالية للمتوسط…
العلم يؤكد للبحر ان الرقم صحيح في الواقع ولكنه تحقق في البر وليس في البحر وفي هذا اليوم بالذات حيث تم تحقيق أكثر من نصف مليون تلقيح في عرض البلاد وطولها بفضل تكاتف جهود أبناء شعبها وإطاراتها الطبية المدنية والعسكرية ومتطوعيها من كل الأعمار في لوحة رائعة لشعب عرف طريقه وأراد ان يكرس “إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر” على أرض الواقع… وهو مازال يصر ويصر على تعميق “الانقلاب” ضد منظومة الخراب التي تسببت في حصد أرواح أكثر من عشرين ألفا من أبنائه…
العلم يؤكد للبحر أن هذا الشعب لن يفرط أبدا في “فرحته” التي انتزعها بدمه ودموعه مهما كان الثمن وسيظل”ينقلب” و”ينقلب” إلى أن يفرض إرادته بالكامل على “أعداء الحياة” ولن يترك عجلة التاريخ تعود إلى الوراء أبدا… مهما علا عويل المتباكين على “شريعة حمورابي” وعلى “ديموقراطية” زائفة كاذبة ملغمة مخاتلة… “ديموقراطية الإخوان”… “فلتذهب بلا رجعة”…” فلتذهب بلا رجعة”… “سنبني ديموقراطيتنا نحن كما نريدها نحن لا كما أرادوها لنا هم وبلا وصاية لأحد.”! قالها العَلَم… وزمجر بها البحر!
شارك رأيك